المحامي مولاي اعلي يعلق على قانون مكافحة العنف ضد النساء

حول قانون النوع الذي صادق مجلس الوزراء مؤخرا على مشروعه كتب المحامي/محمدالمامي مولاي اعل الملاحظات التالية:

1-من إيجابيات النص الجديد أنه عرف جرائم لم تكن معرفة، ونص على عدم تقادم جرائم الاغتصاب ومحاولته واغتصاب المحارم واللمس الجنسي للمحارم، كما نص على ظروف التشديد، وآليات الكشف المبكر عن العنف ضد النساء، والاستراتيجية الوطنية للوقاية منه، وعلاج الضحايا، ووجوب مؤازرتهن بمحام، وحماية بياناتهن الشخصية، وحماية الشهود، والدعم النفسي والاجتماعي، والتكفل بذوات الإعاقة، وحماية حقوق الضحية الموظفة أو العاملة، إضافة إلى تجريمه للتحرش الجنسي وتشويه العضو التناسلي للبنت وفرض العلاقة الجنسية الشاذة والابتزاز.

2-من المفارقات العجيبة أن النص الجديد لم يأت بما كان ينتظر منه بشأن تشديد عقوبة الاغتصاب، بل على العكس من ذلك خفف العقوبة، فبعد أن كانت المادة 309 من القانون الجنائي تعاقب الاغتصاب الذي لا تتوفر فيه شروط الحد بالأشغال الشاقة المؤقتة والتي تتراوح مدتها بين 5 سنوات إلى 20 سنة طبقا للمادة 18 من القانون الجنائي، نزع النص الجديد الأشغال الشاقة واكتفت المادة 24 منه بالسجن من 10 الى 20 سنة دون الاشغال الشاقة.

لكن الأكثر مرارة في الأمر أن عقوبة محاولة الاغتصاب كانت أيضا الأشغال الشاقة لمدة من 5 سنوات إلى 20 سنة لأنها تعاقب بنفس عقوبة الاغتصاب الكامل طبقا للمادة 309 و 18 من القانون الجنائي ، فخفضها النص الجديد لتصبح من 5 سنوات إلى 10 فقط من السجن بعد حذف الاشغال الشاقة.

3-لا أفهم لماذا استثنى المشروع (في المادة 28) احتجاز المرأة أو الفتاة بقصد إيذائها من طرف زوجها أو من تربطه بها علاقة نسب (أب، ام ،أخ ...الخ) استثناها من جريمة الاحتجاز المعاقبة في المادة 319 من القانون الجنائي بالأشغال الشاقة المؤقتة من5 الى 20 سنة، واستبدلها ب الحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وغرامة خمسة آلاف الى عشرة آلاف اوقية، مع إمكانية الاكتفاء بالغرامة وحدها.

وأخشى أن يكون المقصود المساس بسلطة القوامة أو سلطة تربية وتأديب الأبوين لبناتهم، فيما قد يؤل حجزا، كمنعهم إياهن من الخروج منفردات منتصف الليل، وإلا فالحجز خارج القانون يظل جريمة شنيعة بغض النظر عن مرتكبها.

4-استغرب أن النص عاقب عدم التبليغ عن جرائم العنف ضد النساء بحبس حده الأقصى 3 أشهر، بينما عدم الإبلاغ أصلا معاقب بالمادة 56 من القانون الجنائي بحبس حده الأعلى 3 سنوات!

5-لا أفهم –في سياق قوانين المواريث المستمدة من الشريعة الإسلامية، جريمة الحرمان من الميراث، وهي على كل تثير تساؤلات من قبيل هل الحارم هو المتوفى الذي تسقط الدعوى العمومية عنه بموته أو هو غيره؟ !

6-عرف المشروع العنف ضد النساء تعريفا ضبابيا حيث تضمن عبارات من قبيل (إلحاق أذى أو معاناة... ثقافية)، و(الاكراه والحرمان التعسفي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة)، ومعلوم أن النصوص الجنائية تقتضي الدقة في التحديد، فبهذا المقتضى يمكن للبنت أن تصر على متابعة حفلات العري وتعتبر أنها تتأذى ثقافيا من منعها إياها، فضلا عن كونه اكراه واعتداء على حياتها الخاصة.

7-بوب النص على مراكز إيواء النساء والبنات، التي تستقبل الضحايا لآجال طويلة ومتوسطة، مما يوحي بأن البنات سينازعن آبائهن وأمهاتهن والمجتمع كما هو الحال في بعض الدول.

8-تحديد مقدار التعويض عن ضرر الاغتصاب بالدية لا يستقيم، لأن التعويض يقدر بحسب الضرر فقد يكون الضرر أكبر فنظلم الضحية، وقد يكون أقل فنعطيها أكثر من حقها.

9-عقاب ضرب الزوجة دون تقييده بالضرب الخارج عن مقتضى الشريعة، وتجريم حرمان المرأة من حق من الحقوق التي ينص عليها القانون ومنها بالتأكيد حق التنقل والدخول والخروج، تشكل مساسا بقيم المجتمع الأخلاقية والدينية المتعلقة بالقوامة وحق تأديب البنات وحفظهن ورعايتهن من طرف أبويهن.

10-تجريم الشتم بين الزوجين اللذين تفترض بينهما المودة والرحمة بهذا الشكل الذي لايخلو من تضخيم، في حين أنه بين بقية الناس مجرد مخالفة، وإعطاء الصفة للمنظمات لرفع الدعاوى بشكل مطلق ودون توكيل يفتح المجال واسعا للتدخل في خصوصيات الناس والمساس بحرمات بيوتهم وأسرارها، ونفخ نار الفرقة والشقاق بينهم من حيث لا يريدون.

ثمة ملاحظات أخرى تتعلق بالإجراءات يضيق عنها المجال .

الاستاذ/محمدالمامي مولاي أعل

جمعة, 08/05/2020 - 10:06

إعلانات