1- المبدأ هو حماية حرية التعبير المكرس في الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهنا لابد من التذكير بإعلان المبادئ المتعلقة بحرية التعبير في أفريقيا المعروف ب("الإعلان الأفريقي") الذي تم تبنيه من قبل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب سنة 2002 خصوصا ما نصت عليه المادة 12 من هذا الإعلان فيما يتعلق بحماية السمعة، حيث توجب على الدول أن يكون تعاطيها مع القوانين المتعلقة بالتشهير متوافقا مع معايير منها: -عدم المسائلة عن البيانات الصحيحة أو الآراء أو البيانات المتعلقة بالشخصيات العامة -الزام الشخصيات العامة بالتساهل مع الانتقادات بشكل أكبر من غيرها -عدم جعل قوانين حماية الخصوصية مثبطة لنشر المعلومات التي تهم الجمهور.
2- تضمن مشروع القانون مصطلحات فضفاضة جدا ومائعة جدا وقابلة للتأويل مثل (معلومات غير دقيقة) (الأخبار الكاذبة)، وهي مصطلحات لا تناسب نصوص التجريم، ولعل تقييد نشر الأخبار الكاذبة بكونها نشرت بهدف المساس بالنظام العام أو المساس بالوحدة الوطنية كما فعل المشرع الجزائري مثلا أولى، مع ضرورة التنصيص على امتناع تفسير هذا القانون تفسيرا يتنافى مع حرية التعبير.
3- جرم المشروع نشر المعلومات المضللة أو الانباء الزائفة عبر الانترنت، ونشر أنباء كاذبة من شأنها ان تفسد الاقتراع خلال الفترة الانتخابية، نشر الاخبار المفبركة، وتبليغ او نشر معلومات كاذبة بهدف الحمل على الاعتقاد بأن تدميرا او تدهورا او تخريبا خطيرا سيقع ، وحمل الناخبين على الامتناع عن التصويت، ونشر معلومات من شأنها أن تغير نزاهة الانتخابات المقبلة، وهي جرائم يسهل أن يكيف بها كل تناول للشأن العام، مما يجعلها خطرا حقيقيا على حرية التعبير.
4- من الأخطاء القاتلة في الصياغة تناول النص ل : " الانتخابات المقبلة"، فالقانون كما هو معروف يسري على المستقبل ولا يسري بأثر رجعي، إلا إذا كان المقصود الانتخابات المقبلة دون غيرها، وحينها يفقد النص خاصيتي العمومية والتجريد اللتين هما من أهم خصائصه، وهذا النوع من الأخطاء يعود عادة للإصرار على مناكفة الدستور وهتكه عبر صياغة النص بلغة أجنية وترجمته ترجمة ركيكة للغة الرسمية التي يصدر بها.
5- لا أعرف لماذا شدد المشروع من عقوبة انتحال الهوية، فبعد أن كانت معاقبة بالحبس من شهر الى سنة في المادة 25 من قانون الجريمة السيبرانية، عاقبها النص الجديد بالحبس من سنة إلى سنتين، رغم حداثة النص الأول، ومحدودية تطبيقه، وانعدام الدراسات حوله.
6- نص المشروع في المادة 11على أنه (...عندما يتم نشر معلومات كاذبة من شأنها أن تغير نزاهة الانتخابات المقبلة ...يجوز لقاضي الأمور المستعجلة ان يأمر بالتدابير الضرورية لوقف هذا النشر)، ثم نصت نفس المادة على اسناد الاختصاص في هذا الموضوع إلى الغرفة الجزائية بمحكمة الولاية، والواقع أن قاضي الأمور المستعجلة لا يكون إلا في المحاكم المدنية، أما النص الجزائي والإجراءات الجزائية فاستعجالية بطبيعتها لتعلقها بالحريات.
7- صدقت منظمات: الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومنظمة الدول الأميركية، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، حين أعلنوا في بيان مشترك لهم أن: (مصطلح الأخبار الزائفة إنما هو مصطلح يستخدم لتبرير عرقلة حرية التعبير).
المحامي محمد المامي مولاي أعل