يوميات سجين في معتقل الظلام بقاعدة صلاح الدين (الحلقة السابعة)

 

الحلقة السابعة

مذكرات السجين/محمدخالدولد أحمد

فترة ما بعد الإضراب :

كانت هذه فترة تتميز بطابع علمي ، في النهار قراءة القرآن إلى العشاء ثم يبدأ السمر على الشعر وكان الأخ الخديم والبتار ودحود ولد السبتى وشبرنو وغيرهم يثرون هذه الليالى الأدبية ، بطرح أسئلة و مشاركات أدبية راقية ، ولقد خانتني الذاكرة فنسيت الكثير منها للأسف وسأذكر منها مايحضرنى و الله المستعان ومن استعان بغيره لايعان ،

قال شبرنو ذات يوم :

لقد ذاكرت في سجنى كراما *

يزين جمعهم درر المعاني

فقلت :

معان تستنير بنور وحي *

وأحيانا بمصباح البياني

فقال التقي ولد يوسف:

أطايب من كلام الله راموا *

فذلك ذنبهم إن كنت شاني

ثم إنه بدأ نوع من السباق لحفظ القرآن الكريم ، وقراءة التجويد كانت أيام رغم مانعيشه من تضييق من قبل الدفعة الجديدة ، التي وصلتنا بقيادة أسوأ مسير للسجن وهو النقيب ابراهيم ولد ابراهيم ،

الذي لم يأل جهدا للتضييق علينا ، إلا أن معية الله كانت أقوى من كيده ، وصبر الإخوة الموحدين أشد من تضييقه ، كنا نزداد من حفظ كتاب الله يوما بعد يوم مما أعطانا دفعة قوية من الأمل ، كان السباق لحفظ القرآن على قدم وساق ، من الصباح الباكر يبدء تكرار القرآن وتسميعه ويستمر حتى 1:00 ظهرا نأخذ استراحة ثم يأتى السجانون بالغداء الذي هو عبارة عن صحن صغير جدا من ابلاستيك فيه شيئ من الأرز لايسمن ولايغني من جوع ليس فيه من الخضار شيئ البتة ولا من اللحم إلا مضغة يقسمونها على سبعة صحون يكون نصيب كل صحن مثل القشرة يوضع في وسط الصحن ، كانوا يفعلون ذلك ليس بسبب عجزهم عن توفير المستلزمات والمواد الأساسية لكن يفعلونه لمجرد الإهانة والإذلال وكسر نفوسنا

كنا نقابل ممارساتهم بالصبر والإحتجاج

كان ذلك النقيب المدعو ابراهيم ولد ابراهيم طاغية متكبر ولقد رأيناه مرارا يرتكب بحق جنوده ممارسات لا أخلاقية وكان ذلك بأم عيني ، مرة على سبيل المثال لا الحصر عنده ورقة يريد أن يكتب عليها أحرفا، بكل بساطة أمر أحد جنوده أن يركع له ثم جعل يكتب مايريد على ظهره كأنه على مكتب خشبي وغيرها كثير ، هم في الحقيقة لايعاملون الجنود الذين معهم إلا كمعاملة الحيوانات ، وحين كنا نسألهم بعد ذلك بعد تغير الأحوال كانوا يجيبوننا أن هذا هو حال المؤسسة العسكرية لايحترمون الجنود ،

كان الطعام الذي يأتونا به مقرف جدا ، دائما يضعون فيه العيدان الصغيرة ، والذباب وأحيانا القراد ، والخنافس وما تيسر ،،،،،،،

وفي هذه الفترة أصيب الإخوة بمرض سوء التغذية ، إلا أن حالاتهم المرضية تتفاوت في الخطورة حيث كان أشدنا حالة ،

_ محمد عبدو

_ ثم أنس ولد احمدناه

ثم غيرهم يأتي في الدرجة الثانية من سوء الحالة الصحية ، وقد أشتد المرض بالإخوة المذكورين حتى كان أحدهم لايستطيع أن يعتدل جالسا من الوجع حتى أشرفوا على الهلاك مما اضطر الطبيب العسكري أن يكتب لهما حمية غذائية على جناح السرعة ، وكانت هذه الحمية تتألف من كبد شاة مشوي إضافة إلى شيئ من البقول ،

نكتة أدبية :

كان هنالك دركي يدعى_ مفيد _

وكان هذ الدركي هو المكلف بشواء الكبد وتوصيلها للإخوة المرضى ، وذات يوم وهو في طريقه إلى الإخوة المرضى يحمل الكبد مقطعة في صحن ،فلما وصل بيت الطبيب الذي يفصل بين الزنازين وبين مكان تواجد الحرس جلس يأكل من حمية الإخوة المرضى ، فرآه أحد الإخوة كان خارجا إلى الحمام وهو في تلك الوضعية فأخبر الإخوة ،

فكان من استنكار الإخوة للأمر أن قال أحدهم  على البديهة:

و مقع يلقط الكبد اللتقاطا *

ويسرع قبل أن تصل المرادا

ففي بيت الطييب دعاه جوع *

فعالج نفسه حتى استفادا

مفيد كان أصبح مستفيدا *

أيا هذا أما تخشى الكسادا

يتــــواصل

ثلاثاء, 25/08/2020 - 15:36