كلما عثر كلب في مصر، قامت "حمّالة الحطب"، التي يدعونها الجزيره، بوضع العيدان والحشائش ومن ثم إيقاد نار الفتنة، مُحاوِلة، في كل مرة، تحطيم السلم المدني والانسجام الاجتماعي بين مكونات وفئات الشعب المصري وبين الشعب المصري وقيادته. واليوم، بمجرد أن أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها محاربة التقري الفوضوي المخالف للقوانين والمشين للوجه الحضاري لبلاد الأهرامات والنيل، حملت حمالة الحطب أطنانا من حطب التحريض وبدأت توقد أعواد الثقاب في الأمن والطمأنينة بين أفراد المجتمع المصري، كما لو أن الدولة المصرية لا تملك الحق المطلق، كسائر دول العالم، في تنظيم ورسم شوارعها وضبط استهلاك الكهرباء والماء والغاز وغيرها من الخدمات التي ترهق ميزانية الدولة عندما يتواصل التلاعب بها من قبل أصحاب المنازل غير المسجلة في السجلات العقارية الرسمية!. وكأن مصر، بالنسبة للجزيرة وقطر، لا يحق لها إبداء وجه حضاري لائق يجعلها تحتل، عمرانيا، نفس المكانة التي ظلت تحتلها تاريخيا وثقافيا!. إن ما تسعى إليه قطر، من خلال حمالة الحطب، لن يكتب له النجاح، فمصر ستظل أمَّ الدنيا والرئة التي يتنفس منها العالمُ عبقَ التاريخ، كما ستظل مفتاح الحرب والسلام في المنطقة. إنها ريادة حصلت عليها عبر تراكمات طويلة من التنمية البشرية والعلمية ومن النجاحات الدبلوماسية الدولية المشهودة. ومن الواضح، بالنسبة لمن يستطيع قراءة الخارطة الاستراتيجية الدولية الحالية، أن المأخذ القطري الوحيد على الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أنه أوقف الماكنة الدعائية للتطرف الديني، وطوى صفحة المد الإخواني المستند على أيديولوجيا ضيقة الأفق ومتخلفة الرؤية، فانطلق في بناء مصر المتصالحة مع نفسها والحاضرة بقوة في المحافل الدولية. ومن الملاحظ أن الحملات الإعلامية الإخوانية، على قناة الجزيرة وغيرها، تبني دعاياتها، التي تبطّن العمالة للأجنبي القطري-التركي، على ما تصفه بـ"تدهور أحوال المصريين المعيشية والاجتماعية والاقتصادية المنذرة بالمجاعة والحرب الأهلية". وتغض الجزيرة طرفها عن تداعيات فيروس كورونا التي خلقت موجة من الغلاء حتى في أمريكا وفرنسا وبريطانيا. وتتناسى حمالة الحطب أن الثورة لا تصنع بالهاشتاكات والشعارات الرنانة. فالثورة تلاحم شعبي على مصالح واضحة ضد ظلم جلي. أما في الحالة المصرية فلم يوجد أي إجماع، رغم المحاولات الإخوانية والقطرية والتركية، على أن مصر تعيش أوضاعا مزرية وظلما صارخا يتطلب التحرك الجماهيري ضد السلطة. فمن الواضح أن مصر تعيش ما يعيشه العالم من تداعيات جائحة كورونا، وأن محاربة الفوضى السكنية ليست إلا ذريعة واهية لتأليب المصريين على حكامهم بعد أن بدأت عمليات الإصلاح التي يقودها السيسي تؤتي أكلها. إن تلاحم الرئيس والجيش والشعب المصري في وجه التخلف الفكري والغلو الديني، لن يتأثر بحملات إخوانية رخيصة تقودها حمالة حطبٍ جرّب العرب أدوارها التي قضت على شعوب عربية وهدمت دولا عربية وفككت كل الأواصر والعلاقات من المحيط إلى الخليج. كما أن مصر، برئيسها وبجيشها وبشعبها الصامد، ستظل حجر عثرة أمام محاولات فرض حكم عثماني بات جزءا من الماضي السحيق، ولا أحد يحن إليه غير عملاء الاستعمار والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية. ولعل رفض المصريين للتدخل التركي في ليبيا، والهيمنة على النفط الليبي، يعد رسالة واضحة إلى أنقرة مفادها أن مصر لن تقبل قيادة غير عربية للمسار السياسي والاقتصادي العربي. وهو ما وجد صدى إيجابيا كبيرا على مستوى النخب والقواعد العربية. فلتهْنأ مصر بريادتها، ولتذهب حمالة الحطب إلى الجحيم!.. الأسناذ \ إسماعيل الربأني المدير الناشرلوكالة الوئام الوطني