موؤودة الإمتياز... بأي ذنب قتلت؟!

إلغاء تجارب التعليم لفظا وحكما تجعل التعليم يتأرجح بين الإنكماش الكبير والتمدد المرجوح.

نسف التراكم عودة لنقطة الصفر التي لم نتجاوزها إلا لننكفئ صوبها كرّةً تلو الأخرى.
والآن فهل تجربة "النجاح "انتقال عقلاني على وقع سُلم الأولويات أم سقوط حر تمليه جاذبية قاعدة الهرم العريضة؟!
هل نحن ملزمون أخلاقيا وإنسانيا "بالتمييز الإيجابي " من حيث هو تثبيط لمساعي المتميزين وكبت لنبوغهم أم أننا ملزمون فقط بالمعيار التربوي بتوفير ذات الفرصة في نفس الظروف وبنفس الإمكانات لكل الأبناء وتركهم يتمايزون وفق تحصيلهم وإمكاناتهم وجدهم؟!
هل واجبنا اتجاه النشء هو غرس قيمة الطموح فيه ودفعه للتفوق والتميز أم تشجيعه على البقاء حيث هو؟!
هل معطيات الواقع التعليمي وسياقاته وسياساته تدفعنا للتأكد من أننا ننتشله أم لنتأكد بأننا نطلق رصاصة الرحمة عليه؟! 
وهل مدارس الإمتياز نجحت رغم عقدها العمري اليتيم في إعادة الأمل في منظومتنا البيداغوجية الخاصة أم فشلت تماما كتجربة الثلاثة عقود؟!
أسئلة أحاول أن استجلي بها حقيقة التعليم من حيث هو ماهية وحيثيات وواقع . 
وعموما لا أحد ينكر أن التعليم يشهد تدهورا بنيويا لأن المدخلات المتواضعة لن تثمر إلا مخرجات باهتة. والكل يعلم أن تفريغ التعليم النظامي من جوهره وتشجيع التعليم الحر خلق أجيالا يتعاورها الجهل والغش مما دفع بذويهم اللاهثين خلف المصالح الآنية إلى خلق رافعة الوساطة في المهنة، ليطير المقذوف/الخريج بسرعته الصاروخية متقلدا كل المناصب وتاركا بصمته الجاهلة بعثراتها القاتلة مجلجلة في مساره الوظيفي: طبيب، مهندس، محام، أستاذ، معلم، ضابط.... سيفسد وسينقل هذا الإفساد إلى مختلف محطاته المهنية.
فمثلا معلمة لا مستوى لها نجحت بالوساطة وفضلت البقاء في قريتها وبدأت مشوارها بتكوين جيل حامل لنفس الفيروس، فماذا يُنتظر من هذه القرية المسكينة إلا أن تظل ضحية التجهيل الأبدي؟!
ولنقسْ على كل التخصصات الأخرى فهذا هو المُخْرج. 
أما بوجود تجربة الإمتياز الرائدة فلا شك أن التعليم النظامي استعاد كرامته المهدورة وعافيته المسروقة، فآباء التلاميذ يتزاحمون على أبواب المدارس النظامية لأول مرة منذ الثمانينيات، والغالبية تتجاوز في البكالوريا وبمعدلات جيدة وفي الخارج تستعيد موريتانيا ألقها وهي تنتزع المراكز الأولى في مسابقات لم تحلم بخوض غمارها قبلاً. 
والآكد أن لسان حال محبي الإمتياز الموؤودة يسأل بأي ذنب قُتلت؟
نخشى أن يكون الفرق بين مدارس النجاح ومدارس الإمتياز هو الفرق نفسه بين النجاح والإمتياز، وهو لمن نسي أو تناسى الفرق بين معدل 08/20 ومعدل 19/20 في امتحانات التجاوز والمسابقات الوطنية.
وبقدر ما تتمايز المدخلات نوعيا فستتمايز المخرجات كذلك.
وختاما فأعتقد أنه بوجود مدارس الإمتياز شعر الجميع بالفرق.
#الإمتياز_أولا_في_انتظار_نجاح_النجاح
د. محمد ولد الخديم ولد جمال

خميس, 15/10/2020 - 03:23

إعلانات