موريتانيا لم تعد تسكن في هذا العنوان

في تصريح مهم ولافت من وزير الخارجية السيد : إسماعيل ولد الشيخ احمد ، مفاده ان موريتانيا "تضطلع بدور بارز في صد موجات الإرهاب والعنف والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، عن غرب حوض المتوسط  الأوروبي"، وأضاف ولد الشيخ أحمد في كلمة له أمام الدورة ال16 لوزراء خارجية مجموعة "حوار 5+5" عبر الفيديو عن بعد، أن موريتانيا تسعى "من خلال مجموعة دول الساحل الخمس إلى جعل شبه المنطقة المجاورة للفضاء المتوسطي قطب استقرار ورخاء وتنمية".
السؤال ماهو المقابل الذي يجب تدفعه أوروبا مقابل هذا الصّد ؟
فأروربا  لايرعبها شيئ في هذا العالم اكبر من موجات الهجرة السرية القادمة من الدول الأفريقية جنوب بحر الأبيض المتوسط ، فحسب مصادر دبلوماسية غربية وتقارير أمنية تم تعزيزها بدراسات متخصصة من مراكز بحثية حكومية ، فإن أوروبا تحضر نفسها لاستقبال إحدى اضخم موجات الهجرة الغير شرعية في تاريخها الحديث ، فستضطر الى التعامل مع اعداد من المهاجرين السريين غير مسبوقة  قد تصل الى مليونين بين سنوات 2021-2022-2023  أي 50 الف مهاجر شهريا ، فهذه الأعداد تخيف وترعب المواطنين الأوروبيين وساستهم ، فموضوع الهجرة هو موضوع الساعة في أوروبا ، لارتباطه بمواضيع وعناوين كبيرة وكثيرة ( الأمن، الهوية، الاندماج....إلخ )، واصبح ملف الهجرة السرية هو الملف الأبرز على اجندة أي مسؤول أوروبي يزور المنطقة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط .
على أوروبا ان تفهم ان علاقتها ببلادنا تحكمها المصالح المتبادلة فقط، وإن كان في الغرب لا يوجد شيئ بالمجان ما عدا الابتسامة ، فإننا في موريتانيا ليس لدينا بالمجان غير تدريس القرءان والعلوم الشرعية الذي نوفره  لمن أراد ،وغير هذا فالدفع يكون مسبقا عن كل خدمة نقوم بها، فموريتانيا غيرت عنوان سكنها، فلم يعد عنوانها ، عدم الفهم ، أولا لموقعها الجيواستراتيجي ، موقعها كجسر بين شمال جنوب وبين جنوب جنوب  ، ثانيا لقدراتها كقوة ناعمة تمتد أياديها حتى خليج غينيا جنوبا والسودان شرقا وتخوم جبال الاطلس شمالا.
فعلى الأوروبيون ان يمولوا وينفذوا عاجلا خط السكة الحديدية بطول 5000 آلاف كلم الذي يمتد من العاصمة  انواكشوط الى إنجامينا العاصمة التشادية مرورا بباماكو العاصمة المالية الى العاصمة البوركينابية الى العاصمة النيجرية ، فلا يتلكؤوا مثل مافعلوا معنا طويلا في عدم اعادة التفاوض على اتفاقية التمويل المخصص لبناء طريق انواكشوط روصوالذي تأخر انجازه اكثر من خمس سنوات ، فتقديمها 28 مليون أورو سنويا لمساعدتنا في محاربة الهجرة السرية   ،  التي كانت تأخذ طريقها الى جيب اكبر نافذين صديقين خلال العشرية الماضية بمعرفتهم، لا يكفي ، تمويلها برامج الحالة المدنية لايكفي ، تمويلها برامج العدالة ودولة القانون ، لا يكفي ...، نريد منها بشكل عاجل دفع المجتمع الدولي الى شطب الديون التي ترهق ميزانيات حكوماتنا، نريد منكم تمويل مشاريع ملموسة على الأرض تساعد في التخفيف من معانات الشباب  المرشح للهجرة او التحاق بالجماعات الجهادية  ، مشاريع تفتح لهم باب الأمل لغد أفضل ليعيشوا وسط أهليهم ، وتبقى أوروبا لاهلها.
فقد غيرنا عنوان سكننا و يترتب على ذلك تغيير أوقات تحركنا ومسارات طريقنا وأولوياتنا ، فلا تدفعونا لتغيير تعاملنا مع جيراننا وأصدقائنا يا اورروبا.

أحد, 25/10/2020 - 23:07

إعلانات