في شهر ابريل، سنة 2009، كتب الدكتور محمد محمود ولد محمد صالح إن قرارات المجلس الدستوري الموريتاني قليلة لدرجة تجعل صدورها يلفت انتباه القانونيين.. وبعد أن سربت وسائل الإعلام اليوم قرارا، يبدو أنه صدق ندرة قرارات مجلسنا الدستوري، لأنه حمل الرقم 2020/03 على الرغم من صدوره بتاريخ 12 أغشت 2020 مما يعني أن مجلسنا لم يصدر على مدى الأشهر الأولى من السنة إلا قرارين اثنين.. ولأنه كان ينبغي، طبقا للقانون، أن ينشر القرار في الجريدة الرسمية منذ قرابة ثلاثة أشهر.. أنشر استدراكات قانونية مختصرة تتعلق ببيان مأخذ إرجاء إعلان القرار (1) الذي يبدو أنه مشوب بعيوب تتعلق بالشكل (2) ولا يخلو من العيوب المتعلقة بالموضوع (3).
1.
ففيما يتعلق بالإعلان تنص المادة 20 من الأمر القانوني رقم 04-92، الصادر بتاريخ 18 فبراير 1992، المتضمن القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري، على نشر إعلانات المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية.. وإن لم يحدد النص أجلا للنشر فإن من الوارد أن يتم على سبيل الفور لا التراخي، لأن المادة 70 من الدستور توجب على رئيس الجمهورية نشر القانون، الذي تصادق عليه الهيئة التشريعية، في أجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ إحالته إليه من طرف البرلمان.. وبما أن الإحالة للمجلس الدستوري تعلق تلقائيا أجل الإصدار والمادة 21 من القانون المنظم للمجلس الدستوري تنص على أن نشر إعلان المجلس الدستوري، الذي يتحقق بموجبه من أن ترتيبا معينا لا يخالف الدستور، ينهي التعليق.. لذلك يكون من المريب ومن غير الوارد أن يتأخر النشر عن عدد الجريدة الرسمية الذي صدر في منتصف شهر أغشت 2020.
2.
ومن حيث الشكل:
- وصف المجلس مداولته بالقرار بينما كان يتعين أن يصفها بالحكم أو الإعلان انسجاما مع مقتضيات القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري وخاصة المادة 25 التي تنص على أن "المجلس الدستوري ينطق بحكمه في أجل شهر"..
- اتخذ القرار شكل مقال ولم يتبع المنهجية القضائية التي تقضي بأن تتضمن الأحكام والقرارات فقرات متمايزة ومعنونة، فبعد الديباجة يتم استعراض الإجراءات التي بموجبها تعهد المجلس قبل تناول الأسباب التي يجب أن تتضمن نقاشا مستفيضا للموضوع وأخيرا المنطوق الذي يتعين أن يكون استنتاجا للأسباب التي سبقته.
3.
من حيث الموضوع:
- تنص المادة 20 من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري على تسبيب الإعلانات ويبدو أن القرار لم يتضمن تعليلا كافيا حيث خلا من نقاش بنود مقترح القانون موضوع الرقابة الدستورية.. وقد استقر العمل القضائي على أن نقص التعليل يساوي انعدامه.
- نص القرار على أن مقترح القانون النظامي احترم القواعد والإجراءات المنصوص عليها في المادة 67 من الدستور دون تفصيل..
- تضمن القرار بأن المقترح احترم نص المادة 92 من الدستور بإقراره مبدأ فصل السلطات بين مختلف أجهزة المحكمة مع احترامه لضمانات وحقوق الدفاع وهو ما لا تخدمه المادة المذكورة لأنها لا تتعلق به!
- خلط القرار أسسه المرجعية، المتمثلة في الدستور والقانون النظامي المنظم للمجلس الدستوري، بموضوع نظره: مقترح القانون المتضمن تعديل قانون محكمة العدل السامية.
وأعتقد أن من غير المناسب أن لا يكون للمجلس الدستوري موقع إلكتروني ينشر مداولاته التي، تدرسها الكليات ويقتبس منها الباحثون وينبغي أن تعكس مستوى هيئة قضائية رفيعة يجب أن يختار رئيسها وأعضاؤها بعناية وعلى أساس الكفاءة والجدارة.
المحامي/ محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم