هل ستتجنب وزارة العدل الفضيحة؟

تستعد هذه الأيام وزارة العدل ممثلة في لجنة الإنتقاء لإنهاء عملية اختيار لمجموعة من المحلفين من الدرجة الأولى المساعدين للموثقين المعتمدين في جميع دوائر محاكم ولايات موريتانيا تطبيقا للمواد 25,24,23,22,21,20,19 من القانون رقم 97/019 الصادر بتاريخ 16 يوليو 1997 المتضمن النظام الأساسي للموثقين.
وتم الإعلان عن هذه العملية من طرف الوزارة في أواخر شهر سبتمبر  الماضي وتم إغلاق باب الترشح يوم 12 اكتوبر الماضي .
وصرح بعض المشاركين أنه بعد مضي قرابة الشهرين على غلق باب الترشح بات يساور هم  الخوف والغلق على ملفاتهم، رغم ثقتهم بأعضاء لجنة الإنتقاء و ثقتهم الكبيرة بمعالي وزير العدل السيد محمد محمود بن الشيخ عبدو الله بن بيه ويقولون أن هذا الغلق مردّه طول مدة الانتظار لمعرفة مصير ملفاتهم  و يتخوفون من شيئ مّا غير طبيعي يعرقل ويبطئ السير الطبيعي لملفاتهم داخل اروقة الوزارة .
وتنطبق على الكثير من المترشحين الشروط المحددة في القانون الأساسي للموثقين المذكور أعلاه  ،ومن أهمها حصولهم على شهادة المتريز في القانون او الشريعة ، وإفادة من موثق تؤكد على مزاولتهم للعمل داخل مكتب موثق معتمد لمدة تزيد على خمسة سنوات ، مع التأكيد على خبرتهم وكفائتهم في مجال التوثيق وحسن أدائهم طيلة هذه السنوات واستحقاقهم لهذه الصفة و تمتعهم بالاستقامة والصدق ، بالإضافة إلى إحالة و رأي من النيابة العامة.
وتهدف هذه العملية الى التحسين من أداء مكاتب التوثيق وتسوية وضعيتها القانونية وتزويد كل مكتب توثيق بمحلف واحد او إثنان من الدرجة الأولى مؤهلين لتحرير العقود وتسوية الملفات المعقدة والمهمة ، ويمكن تكليفهم بإنابة الموثق في حالات محددة.
ويؤكد بعض المهتمين  والعارفين بحقل مهنة التوثيق ، ان اللجنة ستكون لأول مرة تحت اختبار حقيقي يضع سمعة القضاء على المحك .
فهل ستؤكد لجنة الإنتقاء عن مدى شفافيتها و صدق إلتزامها بتطبيق القانون وابتعادها في إنجاز  مهمتها عن تأثير الموثقين النافذين وتأثير نقابتهم الوليدة ؟
و يتداول البعض من داخل وزارة العدل ، أن اغلب الأساتذة الموثقين ، منح إفادات موقعة ومدموغة لذويهم وأقربائهم من الدرجة الأولى ، خولتهم المشاركة في عملية انتقاء المحلفين هذه ، دون اعتبار لخصوصية المهنة وحساسيتها، هدفهم في ذلك ان يتمكنوا من الحصول على خلفاء لهم في مكاتبهم في المستقبل في تجاوز صريح وفاضح للمادة 4 من القانون الأساسي للموثقين التي تنص:( لا يمتلك الموثقون وظائفهم ، ولذلك ليس لهم أن يقدموا مرشحا لخلافتهم . وكل اتفاق يتعلق بنقل الوظيفة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا .) وكذلك المادة36 من نفس القانون التي تنص على:( لا يستقبل الموثقون العقود التي يكون طرفا فيها أقربائهم  أو الذين لهم علاقة عمودية مباشرة بكل درجات القرابة والحواشي...) .
وفي اروقة الوزارة يتم الحديث على أن أحد الموثقين قدم إبنه كمرشح لخلافته والثاني قدم إبن عمه وهناك من قدم إبن خاله وهناك من قدم أخيه لأم وهناك من قدم إبن أخيه أو إبن أخته وهناك من قدم صهره  ،في مخالفة صارخة للقانون وقلة احترام وتقدير لأعضاء لجنة الانتقاء وإهانة لسمعة القضاء.
والجدير بالذكر أن لجنة الإنتقاء تضم في عضويتها رئيس محكمة الاستئناف  والمدعي العام لدى محكمة الاستئناف ومدير الشؤون المدنية والختم  بوزارة العدل ومدير الخزينة العامة للدولة بالإضافة الى عميد كلية القانون بجامعة انواكشوط .
وتطرح عدة أسئلة نفسها :
هل لجنة  أعضاءها بهذه الاسماء والصفات ذات الوزن الكبير، ستمرّر هذه المخالفات وتوقع نفسها في الحرج أمام الرأي العام ، وتجلب العار والفضيحة لوزير العدل وقطاع العدالة ؟
هل نحن امام تكرار لنفس سيناريو فضيحة وزارة المالية ؟
أم ستأخذ اللجنة زمام المبادرة وتتحرّى عن جميع أسماء المترشحين ، وتشطب بدون تردد على إسم كل من له علاقة قرابة من الدرجة الأولى بالموثق الذي رشحه ؟
وهل ستشطب اللجنة كذلك على اسم كل من حصل على افادة من الموثق ، بفضل علاقاته الأسرية والاجتماعية، ولم يمارس قط المهنة ولايستطيع التمييز بين عقد تنازل وعقد بيع ؟
وهل وزير العدل سيوقع مقرره الوزاري دون تمحيص و مراجعة للأسماء المرشحة من طرف اللجنة للإعتماد كمحلفين من الدرجة الأولى ؟
هل ستتأجل أحلام الذين انتظروا سنوات من اجل هذه اللحظة لتسوية وضعيتهم القانونية في مكاتب التوثيق ؟ هل سيكون ذنبهم الوحيد هو غياب رابطة دم او نسب ...تربطهم بالموثق؟
هل أصبحت مكاتب التوثيق ملكية خاصة ، حكرا على ذوي القربى  ؟
ويرى الكثيرون ان مكاتب التوثيق المعتمدة على كامل التراب الوطني، تعتبر الآن مرتعا لكل أنواع المخالفات القانونية في غياب واضح لدور الجهة الوصية عليهم  .
أسئلة مشروعة ومخاوف لها ما يبررها ، خصوصا في ظل تباطئ اللجنة الملاحظ في حسم هذا الملف .
فإذا تم اعتماد لائحة اسماء على أساس القرابة بالموثقين ،ستكون  سابقة في تاريخ موريتانيا الحديث وفضيحة مدوية تجلب العار والخزي لوزارة العدل  وكامل قطاع العدل وتدق مسمار آخر في نعش سمعة القضاء و تجلب الضرر لنظام الرئيس غزواني ، في هذا التوقيت الصعب و الحرج...!

أربعاء, 09/12/2020 - 18:37