رد جديد من السيد الحاج المشري على الرئيس مكاروه

كلمة السيد الحاج المشري المرتجلة التي ألقاها ليلة الإثنين ٩ سبتمبر ٢٠٢٠  بمناسبة الندوة التي اقيمت في معطى مولانا للذكرى الخامسة لسيدي محمد المشري رضي الله عنه ووصفها بعض الحاضرين من الجيران بانها بمثابة محاضرات. ورد فيهاربقوة وبصراحة منفطهة النظير على تصريحات الرئيس الفرنسي السيد أمانيل مكرون اتجاه سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا نصها :   الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله

 

 اولا وقبل كل شيء:  أعتذر للمنظمين الذين كانوا برمجوا هذه الكلمة في آخر الوقت. وسبب هذا التعجل هو أني أردت أن أفتح المجال للحاضرين لسيما الأكابر، من يستطيع  منهم أن يفيدنا  بشيء يتناسب مع هذا الفرصة المباركة  ان شاء الله.

  أعرف _ والحمد الله _  أن هنا جماعة  قد اعدت  كلمات وبحوثا؛  لكن يمكن نشرها في ما بعد،  والاستفادة منها. فالأوراد  تقضى، و مذاكرة الإخوان لا تقضى.

 ولما من  الله علينا بحضور اكابر وإخوة نفتح المجال لتلك المذاكرة.

 ثم  إنني _ ونحن في البداية  _  أريد أن أذكر بالسياق الذي نرجو أن يكون فيه هذا الاجتماع ؛ فهذه ليلة الاثنين من شهر ربيع الأول.  ففي صحيح مسلم (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين  فقال: «ذاك يوم ولدت فيه ).  ونرجو أن تكون هذه الذكرى دائما في إطار تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 لكن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لا يتم إلا  بتعظيم حرمات الله، وتعظيم ما تعلق بالنبي صلى الله عليه  وسلم.

فنحن حين نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فمن كمال صلاتنا عليه  أن نصلي  على الآل. كما ثبت في الأحاديث المتفق عليها.

 الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم تكون مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.  ثم إن علماء الأمة ألحقوا بالآل الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان الي يوم الدين. 

إذن في إطار تعظيمنا للمولد اخترنا  ساعات نتذكر فيها مشايخنا وعلماءنا، وأئمتنا الذين علمونا محبة النبي صلى الله عليه وسلم.  وكنموذج لسيما في هذا المكان،  في معطى مولانا، الذي الإمام به في كل خير سيدي محمد المشري رضي الله عنه.

 لكن أيضا ذكر سيدي محمد المشري  ذكر لجميع السابقين وجميع الصادقين وجميع الصالحين وجميع الأولياء. 

والآيات التي افتتح بها القارئ بدأها بالفاتحة. والفاتحة  اختمت بأعظم مطلب عند المؤمن {اهدينا الصراط المستقيم} وهي مبنية على غاية الإيجاز والإعجاز.  وكان يمكن للكلام أن ينتهي هناك. لكنه قال أيضا {صراط الذين أنعمت عليهم}، والصراط المستقيم  من تمام فهمه وتمام التمسك به القرب من الذين سلكوه  والاقتباس منهم والتعلم منهم.

 وكذلك الآيات الأخرى التي قرئت في الافتتاح وهي  خاتمة سورة الفتح  {محمد رسول الله} ، وكان يمكن للكلام أن ينتهي هنا حيث الاقتداء والخير والفضل.  لكن جاء معها {والذين معه}، ثم جاءت تفاصيل في صفاتهم لكون الاقتداء  في بعض الأمور أهون وأيسر  بالصحابة الذين هم ــ على كل حال ــ أقرب إلينا في المقام لأن مقامهم مقام ولاية، وليس مقام النبوة وخاتم الأنبياء. كل ذلك يقتدى  به،  لكن الاقتداء بهم من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. 

إذن ذلك هو  السياق . وأما الموضوع فهو موضوع نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وما  يرجى منه أن يحيي القلوب ويحبب إلينا  رسول الله صلى الله عليه وسلم،  لأن مسألة  البعد من النبي صلى الله عليه وسلم مردها  إلى الحجاب و الذنوب والظلمات، وفي هذه المجالس المباركة  دواء لذلك. 

في هذه الأيام المباركة  في إطار هذه  الإساءة  التي  تطورت هذا العام  تطورا خطيرا يجب على العالم أن ينتبه له. لأن الاستهزاء منذ  خلق الله الأنبياء وهو موجود، ولكن المستهزئين بالأنبياء لا ضرر ولا اهمية لهم {إنا كفيناك المستهزئين}، إلا أن الجديد هذا العام صدور الاستهزاء من رئيس دولة  قوية، يتحكم في سلاح نووي، يمكن  أن يقضي على العالم في دقائق قليلة، فيتحدى ربع سكان العالم ، ويتحدى مشاعرهم. وهذا حقيقة خطير ولا بد من أنواع من ردود الفعل عليه. 

ونحن لا نتعدى طورنا، ولو تخطى هو طوره _ وجوابه "اخسأ لن تعدو قدرك" _ فنحن لا نتخطى طورنا، نعرف أننا جماعة قليلة في قرية صغيرة في دولة نامية ضعيفة.

  لكن ليفهم أن المسالة خطيرة فقد رأى ردود فعل الشبان الذين يقتلون، ونعتبر ذلك القتل  ليس عن فقه منهم ولا اتباع  للدين وليس بحكمة،  لكن ليعرف أيضا أن ذلك الأمر  خطير جدا، فقد جرَّت إساءته لأن يتكلم الجميع ، فتكلم الكهول كما تكلم السياسيون وغيرهم ، وتكلم الذين لا يريدون الكلام،  كل هذا من اجل الحرص على أن هذا الخطأ يصحح لكي نعيش في عافية.  والعالم اليوم  مترابط أكثر من كل زمن مضى.  والأمور والأحداث بعضها يتسبب في بعض. وهو يمكن أن يكون متأثرا، ويمكن أن يكون جُرح هو الآخر  باعتبار فعل ذلك القاتل الذي ذكر أنه قتل. 

 لكن  ذلك  التأثر وذلك الكلام العنيف يمكن أن نرد نحن عليه  بأن العمل العنيف الذي صدر من الشبان من أسبابه قطعا تلك الإساءة المتكررة والكلام العنيف الذي يصدر من اليمين المتطرف في العالم كله ضد المسلمين ، و من أسبابه إذلال المسلمين.

 والمسلمون لا يمكن لأحد أن يذلهم  لأن عقيدتهم أن الله كرم الإنسان { ولقد كرمنا بني آدم} . ولأنهم من ناحية الشكل وحده أمة عظيمة لها حضارة عظمى وعندها نهج. وتلك الحضارة هي التي ترعبهم.

إن سبب انحطاط أوروبا التي هي حقيقة منحطة،  ــ وحتى منحطة ديموغرافيا وساكنتها تتناقص ــ ،  لأنها ليست فيها أخلاق، ولأن المسيحية ضعفت فيها.

وكان بإمكانهم أن يحترموا الإسلام  الصحيح،  الاسلام غير المشوه ، الإسلام الذي لا يوجد فيه إفراط ولا تفريط ويأخذونه باعتباره دواء لهم.

 على كل حال نحن لا نصل إلى ذلك، ونحن مستيقنون من أن الدعوة خطاب لنا، وأننا يجب أن ندعو إلى الله،  لكن بالحكمة. ومع ذلك فنحن أيضا مستيقنون أن أكثر الناس سيبقون كفارا، { وما أكثر الناس ولو حرصت بمومنين}.

 وكنا قبل دقائق نقول في درس التفسير  إن القرآن علمنا خطابين للكفار: 

 خطاب معتدل جدا جدا {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} حتى إنه تعالى  يقول{ وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}  وهذا ليس إلا خطابا للآخر،  فلا يمكن أبدا لمؤمن أن يعتقد هذه العقيدة: أننا نحن على هدى أو على ضلال مبين،  لكن هذا تعليم غاية  الاعتدال والحكمة،  لكن بالمقابل أيضا هناك خطاب العز ة، وخطاب لرد الضلال ، وخطاب دفع  الشبهات والباطل.

المهم أن  السياق في هذه الندوة هو النصرة، ومما قلت في الأيام الماضية تقريبا لخطاب الآخرين من اجل أن يفهموا قيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المسلمين ، وضربت لهم مثالا لمكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المسلمين، وقلت  إننا لا نقول لهم كلام العلماء لأننا لا نتكلم مع العلماء بل ولا مع مسلمين. لكني كنت استمعت إلى شيء من خطاب الرئيس الفرنسي مباشرة وأنا في السنغال ركز فيه  على الافتخار بأن عندهم تاريخا،  وكررها، وكأن المسلمين بلا تاريخ.

  وتذكرت أنه ــ مع الأسف ــ في القرن الحادي والعشرين  ليس عنده مما يفتخر به سوى الديمقراطية والحرية.  والغريب أنه وقع في موقف يماثل موقف "لويس الرابع عشر" في زمنه، يوم  كان يريد أن تكون الكاثوليكية هي وحدها الموجودة  في فرنسا، وقام بحملة إبادة وإبعاد  للبروتستانت  ورفع شعار: "عقيدة واحدة وقانون واحد وملك واحد"، وهذا قد تخطاه الزمن. 

ومما  قلت إن  علماءنا يومئذ  كان عندهم أسلوب راق جدا وشعر جميل جدا ، والحال أن الفرنسية يومئذ لم تنضج بعد، ولم يكن عندها شعر يماثل الشعر عندنا ، ضربت مثالا ــ إذن ــ بشعر ولد رازكه ، وذكرت تمثال النعل الشريف،  ومما  قال ولد رازكه  في قصيدته المشهورة في تمثال النعل الشريف :

لئن فاتنا عين الحبيب فإنما ... بآثاره الحسنى اكتفاء من استكفى

فإن لم تر النعل الشريفة فانخفض  ...   لتمثالها واعكف على لثمها عكفا

 نحن ننحني لهذا التمثال،  مجرد تمثال للنعل ، وهذا لا يستطيعون أن يفهموه،  فهذا ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شيء من جسده الشريف،  وليس ولده، ليس إلا ذاك النعل التي مس،  بل ليس أيضا النعل نفسه ، بل مجرة صورة، بل ليست صورة طبق الأصل، لأنها كانت قبل الأجهزة الحديثة ، إنها صورة تقريبية مرسومة باليد لتمثال النعل الشريف، ولأنه تمثال للنعل الشريف فهو على رؤوسنا وننخفض له .

إذن نحن لا نريد التحدي،  نريد أن نعيش جميعا  في عافية.  تكلمنا مرة ماضية على مسألة المقاطعة وقلت فيها باختصار شديد ــ والمهم ليس تكرار الكلام ــ إن نصيبنا منها أيضا أن العاطفة مهمة لاسيما عاطفة إيمانية، عاطفة تقرب إلى الله تبارك وتعالى. والمحبة بذاتها عاطفة، «لا يؤمن أحدكم، حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» ومع ذلك فالعاطفة ينبغي  أن يقودها العلم ويستعمل فيها العقل. ونحن لسنا بأمة بسيطة، نحن ربانيون، وقد جاءنا أكمل عبد لله وأكمل شريعة،  ونحن خير أمة اخرجت للناس.  إذن لا ينبغي أن تكون ردود فعلنا ردودا عفوية ولا صبيانية وغير دائمة ولا مؤثرة ولا نافعة أو ضرها أقرب من نفعها.

 أذكر بمسألتين قلتهما الأسبوع الماضي:

 إحداهما:  المقاطعة ، نعم ، لكن مقاطعة تنفعنا ولا تضرنا . وتؤثر أيضا في الآخر، وتركز على نقطتين مطلوبتين منا دائما: إحداهما : أن نستغنى عن كثير من الناس في كثير من الأمور، ونستطيع،  لسيما أننا في موريتانيا فتبارك الله أرضنا غنية وسكانها قليلون. النقطة الثانية : من المقاطعة تقوية الروابط  بين المسلمين ، حتى يتعاطف المسلمون ويكون  الناس جميعا بحاجة إليهم والحال أنهم غير محتاجين لأحد. 

المسألة الثانية في باب المقاطعة:  قضية اللغة، ومستندها إلى الواقع،  ونحن حقيقة يجب أن نشكر نعمة اللغة العربية، لغة القرآن التي هي اللغة الأم عند الكثير منا  والحمد لله ،  ومن لم تكن هي اللغة الأم عنده من أهل موريتانيا،  فإن من يعرف التاريخ ويعرف الأنساب سيعرف أن أحوالهم متقاربة  ونادرا ما تجد مجموعة إلا وفيها  من ينتسب للشرف او لنسب عربي بما في ذلك المجموعات التي صنفها الناس انهم "اكور" أو يقولون لهم "الزنوج"  هؤلاء جميعا فيهم من هم  شرفاء ومن هم أحفاد عقبة ابن نافع، لكن أهم من ذلك أنهم كانوا قبل إتيان هذه الفتن التي ممن غرسها فرنسا، فرقت بيننا كي تجد موطئ قدم للغتها فجعلت جزء منا متعاطفا مع اللغة الفرنسية. واللغة الفرنسية لا تستحق علينا ذلك،  وليست لنا مصلحة في ذلك. 

بالنسبة للمبادئ والمصالح، اللغة لغة القرآن أولا،  واللغات الوطنية ثانيا، واللغة الانكليزية ثالثا .هذا ليس بقرار عندنا وما هو بشيء أتخذه أنا ، لكن بفضل الله العام الماضي في مثل هذه الأيام كنا في كيهيدي ــ وهذا هو رأي أهل كيهيدي رأي  علمائهم سواء هال بولار أو السونكي،ــ   تلك المجموعات  والحمد لله ليس لهم تعلق  إلا باللغة العربية ، لا  بالفرنسية. 

وعلى الحكومة  أن تنتهز هذه الفرصة وتقوم بخطوة لسيما أنها تفكر في إصلاح التعليم، فلتجعل هذا عنصرا من إصلاح التعليم.  لأن إصلاح التعليم من نجاحه الاهتمام باللغة الأم،  ومن نجاحه أن يكون الشعب مجتمعا على لغة واحدة . الصين متفرقة غاية التفرق ها هي صارت عندها لغة واحدة فرضوها فرضا. وفرنسا فرضت لغتها فرضا،  كم عندهم من اللهجات واللغات؟  نحن نعرف  شيئا من تاريخهم. تلك اللغات قضوا عليها .ولم يتكلم أحد عن حقوق الانسان.

 إذا هذا من ناحية المقاطعة.

 سأقول بمناسبة الذكرى إننا نرجو أن يكون هذا مجلسا يطلب فيه الصفاء والوفاء وذكر سلفنا الصالح على الاقل من باب {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}،  وحقيقة ــ كما قلنا ــ إذا قلنا إن هنالك ذكرى سيدي محمد المشري  ــ إن شاء الله ــ فنريدها كذلك فرصة للقاء والبحث عن المتعاطفين مع نهجه،  والحمد لله هم موجودون في مشارق الارض ومغاربها ، لأنه حقيقة  وبكل موضوعية إمام بكل معنى الكلمة،  ابتداء بأمور الدنيا والسياسة ، إلى مواقف الرجال :

 ونرحم كل الخلق حبا لربه ***ولا نختشي ليثا  ولم نحتقر كلبا 

وحتى أعمق المشارب في التصوف، وسأذكر منها مثالين اثنين فقط :

 قال السيد العارف بالله محمد الرباني 

كفى طربا ألا وجود لغيره ***وفي ذا هدى لا ينتهي وضلال

ومن رأى ثقافة الصوفية من عند رسالة القشيري حتى قوت القلوب حتى إحياء علوم الدين وغيرها ،الفناء في الله هو عندهم نهاية مقاماتهم ، وعليه فالعارف  الرباني عبر بالنهاية،  ومن  تلك النهاية بدأ المشري:

 إذا ضل في الذات العلية شيق*** هداه إلى سر الصفات كمال 

 هذا أنموذج حي وحقيقي، وليس أيضا حالة نادرة ،هذه مدرسة جاءت من التصوف وتولدت وقويت بالطريقة التيجانية وقواها الشيخ ابراهيم :

فيجمع بين السكر والصحو والبقا*** مع النفي والإثبات والرق والعتق 

من القيد والإطلاق في موقف الرضا ***  لدى الجمع ذو جمع وفي الفرق ذو فرق. 

 حقيقة هناك فهم عال وغير سهل. 

ذات مرة سمع الشيخ بيتي المشري : 

سلام لو تنزل كان سرا ...الخ

فقال: محمد المشري مات.

ومات هذه التي قصد الشيخ ليست مقاما سهلا.

 إذن إنه بحث عن هذا المشرب الموجو،د وجعله في اطاره الحقيقي، لأنه أيضا لا توجد طريق إلا وفيها الأشواك  والشبهات ، والأخطاء. 

والمشري من بدايته في الطريق وسيره إلى الله رسالة كتبها له الشيخ،  ومن فضل الله أيضا أنه أعطاها لي في مرحلة معينة،  ووجهني بها،  كتب له الشيخ: " ولدي محمد لتعلم بأن الله تعالى هو الحق الذي تضمحل جميع الحقائق عند حقيقته".

لا يوجد حقيقة إلا الله هذه هي البداية وهي النهاية. وهنالك مظاهر ومقامات. ولكن  التوحيد هو المطلب  وهو النهاية .

ومما قال له الشيخ أيضا في أثناء تلك  الرسالة:" فما ورد عليك فقله لي، إن كان حقا اثبتك عليه ، وإن كان ضلالا زجرتك عنه حتى تتمكن وتميز بين الحق والباطل وتعطي كل ذي حق حقه" .

إذن هنالك برنامج وليست قضية فخر،  ولا قضية عبارات تردد، بل هو مقام  وأحوال. 

السيد آب ولد السيد سأل المشري،  قال له "المراقبة تقتل"؟  فقال له المشري : "تلك هي نتيجتها"

 إذن هذا جانب من جوانب حياة المشري ، وجوانبها الأخرى كثيرة. ويمكن أن نذكر مرثية الشيخ- {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} – 

وعشت عزيزا...

"عزيزا" حسنة  في التصوف.

فالذي يخافه الناس من التصوف أنه أحيانا يكون مذلة وفقرا، وهذا ليس تصوفنا الذي نعرف.

 وعشت عزيزا ، جاءت بعدها عابدا ، و"عابدا" أيضا حسنة  في الصوفية:  العبادة تاج العارفين. كان يمكن أن يقول: "عارفا" لكن عارفا تضمنتها كلمة "عزيزا". ثم جاء البيت الموالي كله في نفع الناس :

حبيبا صفيا نافعا متقربا **جوادا كريما بل يداه غمام 

إذا كان الصوفي هكذا ستحبه  الناس،  لأن السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس.

 من أولياء المغرب المعروفين السبتي رحمه الله ــ من الجماعة  التي يسميها المغاربة في مراكش السبعة رجالات ــ ، قال: إن كل ما عنده بناه على كلمة واحدة: "بقدر الجود ينفعل الوجود"  يعني بقدر بَذْلِك وإنفاقك وصدقك وأخلاقك وعملك لله ترى الإجابة والتيسير والفتوحات ونفع الناس.

 إذن هذه المعاني وغيرها هي التي نحب ما دمنا مجتمعين أن نسمع فيها بعض الشهادات وبعض الكلمات،  وإذا تفرقنا أيضا يكون عندنا نموذج نعلم أنه صالح للدنيا وصالح للآخرة، وصاحبه غير بعيد منا، لأن هناك شيء من المقامات ومن العبادات أهله ليس هذا زمنهم ولا يمكن ان يكونوا في هذا الزمن. 

وحقيقة المطلوب من اجتماعنا هذا نرجو فيه التوفيق والصدق في القول والإخلاص في النية،  وأن نجني منه زيادة في تعارفنا .

فالقرب من أهل الله والبحث عنهم يُضعف هوى الأنفس  أو يميته،  ويحيي القلوب وييسر التآلف.

إنما يباعد بين الناس هوى الأنفس فإذا ضعف جاء  النور وجاءت الألفة والقرب.

فننتفع من هذا المنهج وننفع به، ونأخذ منه نصيبنا – {فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين}-  إرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.

 إذن هذه الوقفة ، إذا أخذنا ساعتين أو ثلاثا في السنة، وكان بدايتها مدحا ويتخللها الذكر، وفيها أيضا نظرة ومراجعة لنموذج حي من الصلاح ومن الصدق : 

 إلهي اجعلني صادقا ومصدقا *** بريئا من الأوهام والشك والريب 

فالذي يظهر لي أن جماعة اجتمعت عليه وقتها غير ضائع. 

 جزاكم الله خيرا ،ولأن هذا الكلام مرتجل غير مبرمج،   فلم أعرج على الترحيب،  فأرحب بكم جميعا، مرحبا بابن الشيخ ومرحبا بالمشايخ الذين جاءونا ومرحبا بالإخوة .

والسلام عليكم ورحمة الله

أربعاء, 09/12/2020 - 16:17