تعدّ الرومانسية السياسية احدى المدارس السياسية المعروفة في تاريخ العلم السياسي، التي تربط التفكير والتدبير السياسي بالأخلاق والقيم الفاضلة.
رواد هذه المدرسة السياسيون اصحاب العاطفة الجياشة والنبيلة ، المنشغلين بالشفقة على البسطاء والانحياز الى المعوزين ، ويتميز أصحابها بالخطاب المفعم بالبلاغة والأحاسيس و يؤمنون بقوة الكلمة وسطوتها على عقول الجماهير المهمشة والفقيرة .
إن تصور المنتمين لهذه المدرسة للسياسة عاطفي ومسرحي يشمل الدعوة الى التمسك بالمثل العليا و إضفاء البعد الأخلاقي على العمل السياسي ،بعيدا عن المفهوم البرغماتي الميكيافيلي والتفسير التقليدي للسياسة بأنها فن الممكن .
إن "تبني " الرئيس غزواني عن قصد او غير قصد للمدرسة الرومانسية السياسية - في القليل مما رَشَحَ لنا منه أو رشح عنه - في محيط موبوء بالفقر والعوز والتهميش وقلة الحيلة والفساد الصارخ وضعف الكادر البشري الوطني، يعتبر حلا تكتيكيا على مدى القصير لشراء الوقت ليتمكن من السيطرة وتثبيت اركان حكمه ، قد يكون له ما يبرره في ظل صدمة الحكم وعظم المهمة .
ولكن ليس من المقبول ان تكون شواغلنا اليوم البحث عن حوارات او الدعوة لنقاشات بلا نهاية وبلا نتيجة ، هدف أصحابها فقط هو لفت الانتباه أو تسويق بعض الأطر للتعيين أو بعثرة الأوراق ،وليس من المستصاغ ان تكون وسائل إعلامنا ما زالت منغمسة في تحليل خطاب الترشح او خطاب الاستقلال ، وأقلامنا تسيل الحبر لمناكفات وردود على مؤيد او مخالف.
ليعرف الجميع انه ليس هناك وقت إضافي ، وأن زمن حسن النية والأماني السياسية دخل الدقيقة التسعين ، فمسؤولي تصريف الأعمال وتسيير الأمور الجارية التي تعج بهم الحكومة الحالية ليس لهم مكان بيننا ، إن مشاهدتهم يوزعون الأماني والتعهدات ويقرؤون من نفس الورقة القديمة البالية ، يثير في نفوسنا الكثير من الإحباط .
أين المسؤول المتمرد ...؟ أين المسؤول الجسور.. ؟
أين الابتكار والتطوير ؟ أين التفكير من خارج الصندوق ؟
يجب على الرئيس غزواني ان يتصرف بسرعة بناءا على حسّه الإستراتيجي ، وأن يدرك متى بداية الأشياء ومتى نهايتها ، وأن قيمة الأشياء تنتهي حين تنتهي الحاجة الى استعمالها .