لمن يستسهلون التطبيع/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن/

يتتبع بعض الإعلاميين بعض ما ينشره بعض الصهاينة،من تسريب أسماء بعض الدول العربية و احتمال تطبيعها مع الكيان الصهيوني،و الظاهر من الأمر فى موريتانيا أن نظام ولد غزوانى لا يتجه للتطبيع،فواجهة السلطة غير راغبة فى ذلك،حسب ما تتمتع به من خلفية إسلامية و قومية فى أوساط تلك النخب الحاكمة،كما أن إسرائيل و حتى آمريكا، لا تملك شيئا لإعطائه لموريتانيا أو غيرها.
فالسودان دفعت لآمريكا لتنزعها من لائحة الدول الراعية للإرهاب،و ما يروج من إمكانية محو ديون موريتانيا مقابل التطبيع، لا معنى له،فالدول المذكورة أشد بخلا و لا تعنيها هذه الديون،و الموريتانيون لن يرضوا بقرب الكيان الصهيوني، مهما كان الطعم الموعود.
و نظام ولد غزوانى يجد صعوبة فى اجتياز بعض مصاعب تسيير دفة الحكم،فمن باب أولى لو اقترب من الصف الصهيوني،فسيكون مصيره وقتها غامضا و معقدا،و سيجد حينها ،صعوبة بالغة فى إتمام العهدة الرئاسية الحالية،و سينتفض ضده تيار واسع قوي من مناهضى التطبيع.
و سيستفيد فى المقابل، سياسيا و انتخابيا،بصورة بالغة،بعض أطراف المسرح السياسي الوطني،من هفوة التطبيع،إن حصلت،رغم استبعادها،و سيكون حزب تواصل و غيره،من أظهر المستفيدين من ذلك التطور،الذى يراه البعض غير مستبعد،غير أنى لا أتوقع أن يقدم عليه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى،و إذا طبع فسيكون أكبر متضرر من التطبيع فى الوطن العربي على الإطلاق ربما.
و فى سياق تحليلي يتضح من استطراد بسيط أن نظام ولد غزوانى لا مصلحة له فى التطبيع.
فمعاوية فى وقت سابق، طبع بحجة تقريب اسرائيل لحركة إفلام و تورط الكيان الصهيوني فى تدريب و تسليح تلك الحركة الانفصالية أنذاك،و مصر مجاورة هي و الأردن،و تحت الضغط،و المغرب ناور مع اترامب فى آخر أيامه فاعترف له نظام اترامب بمغربية الصحراء،و وضع الناتو الصحراء الغربية فى خرائطه الرسمية ضمن خريطة المغرب!،فما دخل بقية الدول العربية،رغم رفض تياري واسع للتطبيع فى الدول المذكورة.
فالركون للكيان الصهيوني لا يعنى سوى الاستسلام و تجاهل ورطة المسجد الأقصى الأسير و التنازل عن القضية الفلسطينية المركزية.
و الكيان الصهيوني لا يملك شيئا،و إن افترضنا أن إسرائيل دولة،فهي من أحقر و أفقر دول العالم،و تقوم على الدعم الآمريكي و امتصاص خيرات أرض فلسطين المباركة المغتصبة،و من يتحالف مع إسرائيل من أجل أي هدف،فهو واهم ضعيف الحساب و الفهم للتاريخ،فهؤلاء أمة غدر و تآمر فحسب!.
نظام ولد غزوانى فى الوقت الراهن رغم ما يدور حوله من انتقادات ،فهو مدعوم شعبيا و عسكريا و أمنيا،لحرص الكثير من الموريتانيين على نظام سياسي يضمن الاستقرار و اللحمة الوطنية و الحوزة الترابية،و لا حاجة له إطلاقا فى مغامرة مضمونة المخاطر المتنوعة الجسيمة، مثل التطبيع.
و أي نظام مهما تكن عيوبه و نواقصه،ما دام مدعوما داخليا بصورة معتبرة،فأولى له الاستناد على الدعم الشعبي الداخلي و الحفاظ على أسبابه و دواعيه،بدل التورط فى علاقات مشبوهة مثيرة للغضب الشعبي الواسع،و نعم ما شرع البرلمان الجزائري من تغريم كل من يبارك التطبيع.

أحد, 10/01/2021 - 14:16

إعلانات