تستمر عبر حلقات هذا المقال المتواضعة محاولة فك طلاسم ساحتنا السياسية عن طريق استنطاق ماضي البلد منذ الاستقلال تدرجا إلى الحاضر ، ومحاولة إثارة تساؤلات مشروعة عن مستقبل البلد وصيرورته، والبحث عن حلول وأجوبة إن لم توفق في إصابة الهدف ، قد تنجح في لفت انتباه المهتمين لإثارة النقاش من طرف أصحاب الخبرة وأهل العقول.
لقد ركزت هذه السلسة عبر معالجاتها لأسباب عديدة على الإيديولوجيين ، وغضت الطرف إلا في حدود الإشارات ومرور الكرام عن بقية عناصر المشهد السياسي لكن هذه الحلقة قد تختلف لإنصاف رجل له في أعناقنا جميعا دين وجميل.
منذ مطلع تسعينات القرن المنصرم دخل معترك الساحة السياسية بشوش خلوق ، يحمل فكرا مزدوجا خليطا من الليبرالية الحرة والاشتراكية الإجتماعية ، خلفيته الدينية أقرب إلى التصوف يمتلك صبرا وسعة صدر قل نظيرهما.
قارع نظام ولد الطايع في أوج عنفوانه بأسلوب ديمقراطي حضاري ، ورغم حملات التشويه والتقزيم والظلم الممنهج ظل وفيا لنهجه ، كان يخرج من كل معركة بجراح نازفة يتلمس لها الشفاء ببلسم عرق جهده في نزال جديد دون شوشرة أو ضوضاء أو رياء.
لقد كرس بتضحياته نمطا قائما بحد ذاته من النضال السلمي ، لم يتم جره إلى المستنقع الذي كان يراد له في كل مرة ، ورغم الهرج والمرج والصخب وسرقة صناديق الاقتراع ظل ثابتا إلى أن انزاحت الغمة وبدأنا نتنسم هواء الحرية بعد سنوات من الخداع والدجل والأساطير، سنوات كانت في غالبها كسني يوسف لو أعقبها عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.
إن أخشى ما نخشاه على جيل اليوم ؛ جيل الثورة الرقمية ، هو العقوق الأخلاقي والقِيمي الذي هو وباء لا يقل خطرا عن وباء الطاعون قديما وكورونا حديثا ، فظاهرة تقزيم الكبار ، والتجريح والقذف والسب صارت فنا له أساتذته ومريدوه بكل أسف ، إنه انعدام المسؤولية والذوق والتمادي في السقوط.
أظن ذكر اسم هذا الرجل صاحب الأوصاف التي سلفت في صدر المقال لم يعد مفيدا هنا فقد صار معروفا لديكم ، ومع ذلك لنذكره ونستحضر تاريخه فالوفاء للنفوس الكبار من شيم الشناقطة وأخلاق الكبار .
قبل ذكره أجدني منشغلا بالبوح هنا أني لا أمت بصلة قربى ولا حتى معرفة شخصية لصيقة بهذا الرجل ، لكني أرفض فلسفة التقزيم والدوس على جهود النبلاء من أبناء هذا البلد مهما اختلفنا في المشارب الفكرية والتصور ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ينبغي أن يحفر له في الذاكرة من الاحترام قدر ونصيب ، إتفقْ معه إن شئت أو اختلفْ لكن لا تتنكر لتاريخه ونضالاته في زمن الذل والخنوع.
تُرى من الرجل؟
لا أظنني إلا سأضن باسمه عليكم قرائي الكرام
عليكم أن تستنتجوه من أوصافه فقط
إلا إذا كنتم تصرون على ذكر اسمه فسأفعل إنه:
السيد الرئيس أحمد ولد داداه أطال الله بقاءه.
يتواصل بإذن الله
محمد محمود إسلم عبد الله