رحيل اب ولد عمار: لحظة مسكونة بالحزن

وابتلعت الأرض كوكبها الدُّرِّي: هو أب ولد الحسن ولد سيدي ولد عمار ولد أحمد ولد محمد ولد حمالة ولد عبد الرحمن ولد محمد ولد اخيار ولد رحمون ولد مسعود ولد معتوقْ ولد عنتر ولد ناصر
ما كنت أحسب قبل دفنك في الثرى @ أن الكواكب في التراب تغور..
علمت منذ أيام وأنا في قلب الصحراء بمنطقة الحوض الغربي بنبإ رحيل الكوكب الدُّرِّي الوالد الفاضل أب ولد عمار تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه الفردوس الأعلى من جنته.
ولأن بعض الواجب لا يسقط بالتقادم؛ فقد كان لزاما علي أن أبوح في هذه السطور ببعض مآثر هذه الشخصية الفذة.. فالوداع صنوف والمودَّعون أصناف:
ينحدر أب ولد عمار من أسرة كريمة عذبة المورد أنجبت ذرية من الناس يسقون الناس حياة على حياة؛ وخلودا بالعلم والدين بعد الممات..
أسرة وذرية زخرفت ظاهرها المآثر، وصقلت باطنها اللآلئ والجواهر؛ فكانت محظرة أب ولد عمار بعطائها الخلاق وأنوارها الزاهرة صرحا ربانيا يتلألأ نضرة، ويتألق عظمة، ويتدثر بمآثر الصدق والطهر والنقاء والتواضع والوفاء.. بيان تلاوتها يشنف آذان الندى ويغشى بلا إذن من السامع القلبا بتعبير "ابن المعلى" حتى تنعس أيقاظا وتوقظ نُوّما..
لم تسمع أذناي قط أحلى ولا أشجى ولا أندى من تلاوة أب ولد عمار باكِيا من خشية الله أطرافا من النهار و زُلَفا من الليل، لا تشغله ولا تهمه حُمُرُ النعم حيث أماتَ في نفسه شهوات المال الكثير، والجاه الأثير، والمقعد الوثير.. أغدق الله عليه شآبيب رحمته وغفرانه ومرضاته.
{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}..
وشَتّان ما بين الذي يستلذُها ::
وبين الذي تعتامه ويعافُها
كان وقته وجهده، فكره وفعله، حركته وسكونه، حبه وبغضه.. كله خالصا لوجه ربه الأعلى ولسوف (إن شاء الله) يرضى.. لايهمه ولا يشغله غير علمه وورعه وحلمه وفضله وخالص تعبده...
لا يجف لسانه الرطب أبدا بتلاوة القرإن الكريم وذكر آلاء ربه الرحيم..
كان أيضا يرحمه الله حاذقا بصيرا، خلوقا لينا هينا طيبا وحكيما..
عرف بنقاء الطوية وبتواضع غير مفتعل؛ زيَّنته وحرسته عزة المؤمن الذي لا يذل لغير ربه ولا يرتعد إلا في محراب تعبده وتهجده، كل هذا مع أدب جم لا يعرف الحقد صاحبه، و لا يخشى الغدر عارفه أو مقاربه..
في جواره تحيا القلوب وتنتعش الأرواح، ويكون للأخوة في الله معناها وطعمها وحلاوتها.. إنه حب من لا يعرف البغض ولا الكراهية، ومن لا يريد في محبته للناس وصدقه معهم وحسن معاشرته لهم؛ جزاء ولا شكورا..
كان رحمه الله صاحب كرامات لا تخطئها العين ولا تفوت صاحب لبّ أو بصيرة يضيق المقام عن ذكرها، فمن كان لله كان الله له.
وفي الحديث القدسي
لا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ ويدَهُ الَّتي يبطشُ بِها ورجلَهُ الَّتي يمشي بها
كان أب ولد عمار رحمه الله بحق شخصية متعددة الأبعاد حباها الله بضبط أهل القرآن ورقة الأدباء؛ فهو يجيد الأدب والمساجلة من غير افراط ولا تفريط، ليس في أدبه ما يسيء للذوق أو يخرم القيم؛ فهو كالدر المنضود: لغته جزلة في المعاني والأفكار ، شابَ وما شابَ حزمه ولا عزمه.. أحسن الله خاتمته؛ حيث بدأ حياته وليدا بالتلاوة وأنهاها على فراش الموت بالتلاوة.
اللهم ارحم فقيدنا وآجرنا في مصيبتنا وأحسن فيها عزاءنا وشد فيها على قلوبنا حتى تجمل صبرنا وتثبته؛ فإنها من أعظم المصائب..
{إنا لله وإنا إليه راجعون}

بقلم الصحفي اعل ولد البكاي

أحد, 28/02/2021 - 18:39