المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: المفترون على الله

كل تشريع لا يستند إلي التشريع الإلهي فى القرآن الكريم فهو باطل لأنه يتناقض مع التشريع الإلهي، ولا يستمد قواعده وحدوده من آيات القرآن الكريم المرجع الوحيد لرسالة الإسلام التي كلف بها الله سبحانه رسوله عليه السلام بإيصال رسالته للناس دون إكراه أو تهديد أو وعيد، لأن العلاقة فى العبادة والإيمان بالله واتباع كتابه المبين يمارسها الإنسان بحرية مطلقة، وحق الإنسان باختيار الدين الذي يعتقده حق منحه الله سبحانه، لأنه سيحاسبه على أعماله يوم القيامة، ولذلك وضع الله سبحانه فى قرآنه تشريعات واضحة ليتخذها الناس فى تطبيقها، متى استحق الحد التشريعي وثبتت جميع أركان الجرم ليستحق الإنسان الحد التشريعي الذي يقام عليه.

 

وبما أن الردة لم يشرع الله فى كتابه حدا للردة، وأن الله أعطى الإنسان الحق فى الإيمان به، وحق الكفر بالله تأكيدًا لقوله سبحانه (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ) (الكهف: 29) وقوله سبحانه مخاطبا رسوله الأمين(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(يونس:٩٩)

إضافة إلى الآيتين أعلاه التي توضح حق الحرية للإنسان بالكفر أو الإيمان يؤكد ذلك قوله سبحانه (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا)(الإسراء:٥٤).

 

فلم يكلف الله رسوله بأن يكون وصيا على إيمان الناس ولم يعينه وكيلا عنه على خلقه إنما كان خطاب التكليف للرسول عليه السلام تأكيدًا لقوله سبحانه (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (النور: ٥٤).

 

فمن أين أتى فقهاء الاستبداد وفقهاء الدم والانتقام للتحكم في عقائد الناس بحد الردة والسيطرة للتحكم في عقائد الناس، والله سبحانه منحهم حرية الاختيار لعقائدهم الدينية، وحررهم من الوصاية الدينية بتحديد مهمةً رسول الإسلام عليه السلام.

 

إضافة إلى أن الله سبحانه لم يشرع فى كتابه الكريم أيا من الحدود على من يرتدعن دينه فى قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة: 54).

 

ويوضح سبحانه جزاء المرتد عن دينه فى قوله ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلـئِكَ أَصْحَابُ النّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة :٢١٧).

 

فجعل حكمه عليه بأن يحبط أعماله فى الدنيا والآخرة وجعله من أصحاب النار خالدا فيها، ولم يمنح الله حقا لأي سلطة دينية أو دنيوية، بإقامة حد الردة على من يرتد عن دينه واختص الله وحده بحساب المرتد.

 

ولا يملك رسول أو نبي أو أي إنسان أن يخالف أمر الله، ويعصي تشريعاته، ويضع عقوبة للمرتد، متحديا حكم الله والتشريع الذي فرضته آيات القرآن الكريم، ويكون من يتحدى حكم الله جزاءه جهنم خالدا فيها وبئس المصير.

أحد, 14/03/2021 - 10:19

إعلانات