يحضرني هنا أننا في تسعينيات القرن الماضي وفي خضم تدريس المواد الأساسية بالفرنسية في مناهجنا التعليمية أن الكل لاحظ المعاناة والإحباط الذين أطبقا علي جل طلبة تلك الفترة ، وعندما تستفسرهم عن الأسباب يجيبون بوضوح بأنهم لا يفهمون ما يقدم لهم باللغة الأجنبية وأن الأستاذ المسكين ليس أحسن منهم حالا.
وهكذا كان حصادنا التعليمي والتربوي كارثيا كما وكيفا، فالغالبية العظمي من الطلاب غادروا مقاعد الدرس الي غير رجعة ، أما البقية القليلة التي صمدت بأعجوبة فهم جمود في جمود لا إبداع ولا شأن.
وعلي ذالك فإنه واهم واهم من يظن أن استمرار التعليم باللغة الأجنبية سيقربنا من الإبداع والتطور بقدر ما سيبقينا في حضيض التخلف الحضاري والعلمي والفكري.
وقد سبق تأكيد هذه الحقيقة العلامة ابن خلدون وقد ضرب عليها الأمثلة من الصنائع قال:".... لأن تمام الملكات وحصولها للطبائع التي علي الفطرة الأولي أسهل وأيسر ، واذاتقدمتها ملكة أخري كانت منازعة لها في المادة القابلة وعائقة من سرعة القبول فوقعت المنافاة وتعذر الهمام في الملكات الصناعية كلها علي الإطلاق .
وقد برهنا عليه في موضعه بنحو من هذا البرهان ، فاعتبر مثله في اللغات، فإنها ملكات اللسان، وهي بمنزلة الصناعة ".
ومن شهادة الغربيين أنفسهم يقول كارل ديلر: " أن تاريخ تعلم اللغة الأجنبية يظهر وكأنه إخفاق كله".
ويضيف: أن قلة قليلة من المتخصصين في اللغة في الجامعات الأمريكية يحسنون نصف ما ينبغي أن يحسن كي يدرك الحد الأدني من الكفاءة الأكاديمية ".
ذ/ جمال ولد عباد