{يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلْأَرْضِ فَٱحْكُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌۢ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ}
-إن عظمة الدولة لا تتمثل في قوة سيطرتها بل في عدلها ، فالمؤسسة القضائية هي أهم مرفق من مرافق الدولة ، هي التي تسهر على العدالة فالمجتمع الذي يفقد العدل ، يفقد الوجود ، لأن الظلم والفساد يدمران الدولة ويقضيان على مقوماتها الصحيحة
لا حل، ولا منقذ، ولا نجاة مما نحن فيه إلا بالقانون. وأعنى -هنا- ترسيخ قاعدة «قوة القانون» وإنفاذ نصوصه بكل قوة على الجميع بغير تمييز، فما نهضت أمة وتقدمت إلا بقوة القانون، وما تخلفت دولة وتمزقت وضاعت هيبتها إلا بقانون القوة. هذه مقدمة بسيطة أسوقها فى مستهل رؤيتى المتواضعة، وأوقن أن الجميع بلا استثناء يتفق معى فى أن الفرد فى أى مجتمع يشعر بالأمان عندما يكون متأكداً من أن القانون، والقانون وحده، هو الرقيب عليه، وأنه خاضع لنصوصه وعقابه مثله مثل غيره دون انتقاء أو تفرقة، وأن الكلمة العليا لما ورد فيه من نصوص، وأن يوقن بأن قوة القانون تحفظ لكل ذى حق حقه وهى وحدها التى تردع كل معتدٍ أو آثم، وهنا سيشعر الجميع بأنهم أمام القانون سواء، لا فضل لأحد على أحد إلا بالالتزام به وتطبيق نصوصه والتمسك بتطبيقه. ولتفعيل ذلك لا بد أن يتلازم مع قوة القانون عدالة ناجزة ومنجزة، معصوبة العينين، ممتدة إلى رقبة ويد كل باغٍ، معتدٍ، أثيم، قائمة على قضاء حر قائم على الاستقلال التام، غير منحاز لهذا أو لذاك، فالقانون وقوته والقضاء واستغلاله وتجرده تمثل الحصن الحصين والركن الركين لأى مجتمع يبتغى الرقى والتحضر والنهوض والتقدم، وبغيرها تهوى الشعوب والدول وتسقط المؤسسات والمجتمعات وتتحول الحياة إلى غابة لا ضابط فيها ولا رابط. ولا يخفى على القارئ العزيز أن عصر الجاهلية كان قائماً على أنه إذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد وإذا سرق الغنى تركوه، تلك كانت مصيبة ترسخت فى الجاهلية وامتدت إلى ما بعدها كمطية تمتطيها بعض الأنظمة الاستبدادية التى تهاوت وسقطت فى أول اختبار حقيقى واختفت تلك الأنظمة وتلاشت غير مأسوف عليها ولا يذكرها التاريخ إلا بأسوأ العبارات والنعوت. ولهذا لا بد من وقفة قوية تواجه كل من يحاول إنتاج فكرة قانون القوة لتحل محل قوة القانون والتى لوحظ بزوغها من جديد فى شكل فرد العضلات بين بعض المؤسسات وإظهار مدى قوتها فى مواجهة مؤسسات أخرى.. وحتى لا يكون حديثى مرسلاً سنضرب بعض الأمثلة كى نفيق جميعاً إذا أردنا لهذا الوطن أن ينهض من كبوته ويقال من عثرته. فمثلاً نجد أن البعض من السادة النواب قد نجحوا فى فرض قانون القوة وإحلاله محل قوة القانون لزيادة رواتبهم.
ورفضوا بالمقابل زيادة رواتب المعلمين والأساتذة ووكلاء الشرطة وتعويض فاتورة المساجد..... بقوة القانون. والصورة واضحة في قطاع القضاء، فالدولة عاجزة عن فرض احكام القضاء على المتخاصمين مما اضطر بعضهم لاستعمال قانون القوة للدفاع عن حقه الذي أقره القضاء بل السلطة العمومية قد تلجأ لاستعمال القوة العمومية بشطط مستعملة "قانون القوة"
اتحادية الرماية التقليدية وما وقع فيها من تلاعب بالقانون لصالح طرف ولا غالب ولا مغلوب
وما حادثة عرفات "قضية ولد محجوب" منا ببعيد.. وهي الشغل الشاغل للراي العام اليوم. واستعمال القوة المفرطة ومعاملة الشرطة له وصاحبه "اصحاب الحق بقوة القانون" في مظهر همجي ولا انساني
فالدولة بدل أن تحمي قراراتها بعد أن صدر حكم قضائي مر بجميع مراحل التقاضي وغير قابل للطعن من المحكمة العليا يثبت حق "محمد ولد محجوب وووكيلته" وملكيتهم للأرض المتنازع عليها وبعد أن استنفد كل الطرق القانونية
وشعر بالظلم وعمد إلى ذلك التصرف الخاطئ مع أنه لا نية للقتل عنده .بعد هذا كله وهو صاحب الحق في الأرض محل النزاع منذ 2018 تنتهك كرامته وإنسانيته بهذه الطريقة الاجرامية الهمجية ..
وما حمله للسلاح في وجه المهاجمين وإطلاق النار في الهواء إلا دليل على غياب الدولة في حماية هيبتها و إرجاع الحق لأصحابه واحترام إجراءات التقاضي مما أدى إلى استعمال القوة دفاعا عن المال والنفس هذا حق شرعي وقانوني
و لا يلغي حقه القانوني في أرضه التي اكتسبها "بقوة القانون"
-ومن جانب آخر فقد استعملت القوى المتصارعة الاعلام واستغلته خصوصا- وسائل التواصل الاجتماعي- لاظهار المحكوم عليهم قضائيا بمظهر الضعفاء وإعطائهم ما لايستحقون ظلما وغصبا
و تضليل الرأى العام وتوجيهه مستغلين ضد الدولة
وقوة التأثير الإعلامى وفرض منطق" قانون القوة "لدرجة جعلت أصحاب الحق يتوارون ويتراجعون أمام سطوة وقوة أصحاب نظرية النفوذ والمحسوبية وفرض الرأى بالقوة...
الصور كثيرة والأمثلة عديدة لا تتسع المساحة ولا يسعنا الوقت لسردها لنجد أن الثابت أن الآية قد انعكست والأمور تبدلت فأصبحت القوة "الظالمة :فوق العدل وفوق الحق فى العديد من النماذج والصور؛ ولهذا فلا بد أن يشعر الجميع بأن للقانون قوة وأنه هو الذى سيسود وأن شريعة الغاب" السيبة" وقانون القوة لا مكان لهما فى ظل نظام يحترم نفسه يمسك بتلابيب القانون وقوته في احترم القانون والانحياز للضعيف. لا بد أن تكون قوة القانون هى الملاذ والملجأ لكل ذى حق حتي يجعل من القوى ضعيفاً حتى يؤخذ الحق منه، وأن الضعيف قوياً حتى يعود إليه حقه.
ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان للقانون قوة ردع وإلزام ومخالب وأنياب يرتدع بها ومنها الباغون والمعتدون. لا بد أن يتسلح القانون ويستمد قوته من قضاء رادع ومنجز، فلا بد ليد العدالة أن تكون قوية وممتدة ومحتدة على كل من يحاول بقوته اختراق القانون أو إضعافه.. لا بد أن تكون يد الدولة وبالقانون قوية على الخارجين عليها، قادرة على الإمساك بهم وتقديمهم للعدالة المنجزة والناجزة. لا يصح ولا يجب أن تظهر الدولة أمام المجرمين والباغين ضعيفة؛ إن ضعف وارتخاء المؤسسات داخل الدولة يغرى الطامعين والفاسدين، بل إن ذلك يساعدهم ويغريهم على مواصلة البغى والعدوان والتمادى فى الباطل. ولهذا فلن تكون للدولة قائمة ولا سند ولا قوة إلا بسيادة القانون وفرضه على الجميع سواء بسواء، وفى كل مناحى الأمور، فى الشارع، المرور، فى المؤسسات العمومية فى التعليم في الصحة، فى الاقتصاد، وفى كل شىء ..... لا يصح ونحن في عالم القرية الكونية الواحدة أن نجد ذلك التمييز القانونى والطبقى.
-يجب أن تكون موريتانيا لكل الموريتانيين ويكون القانون فاعلاً ومُفعّلاً على الجميع بغير تمييز،
فالوطن ليس متجرا لعرض شارات الفئات المستثناة، يعيش فيه من يملك الوجاهة الاجتماعية والحظوة الوظيفية والزبونية.. الوطن للجميع، الوزير والخفير، الوطن للمواطن البسيط للعامل والفلاح، والمدرس والمحامى والدكتور والوزير.. الوطن لنا جميعاً بلا استثناءات
إن هذا الشعب العظيم يستحق أن يحيا ويعيش عيشة كريمة، يصبح القانون فيها معبراً عن القسط والعدل، يعيش فيها الوطن فى عدل وسعادة ورخاء ويعيش فيها الحاكم فى أمن واستقرار ولا يعرف قلبه ولا عقله الخوف من المجهول ولا يحتاج إلى تلك الحراسات التى تجعله أشبه بمن يعيش فى سجن من طراز خاص. "اعدل واطعم وامن وعلم وداوي شعبك يحميك"
مدوا يد العون لمن يحكم وأعينوه بالدعاء على غايته فى تحقيق العدل وإنفاذ "قوة القانون" وتجنبوا "قانون القوة والشطط،" حافظوا على مؤسسات الدولة واجعلوها جميعها أمام القانون سواء، فبها وعليها ستقوى الدولة وتنهض، وبغيرها ستنحدر وتندثر لا قدر الله. واخيرا الدولة تستقيم علي الكفر ولا تستقيم علي الظلم وقد قيل
"أعطني قضاءا عادلا ...أعطيك دولة"