يقول مؤسس الدعاية الرمادية جوزف جوبلز "إن الدعاية الناجحة هي التي تعتمد على معلومات قليلة وتركز على التكرار"
و يبدو أن أستاذنا المبجل محمد الشدو مؤمن بهذه المقولة، و حريص على تطبيقها، في محاولة تضليله للرأي العام، و تحويل ملف قضائي صرف إلى مادة للتراشق السياسي و الاعلامي.
في سلسلة المرافعات السياسية التي اعتمدها الأستاذ بديلا عن الدفاع القانوني عن موكله، ينشر الأستاذ مقالا جديدا مليئا بالمغالطات و التناقضات.
يؤكد الأستاذ في مستهل حديثه نظرته الازدرائية للقانون الذي يدعي الانتماء له و لرجاله، فعندما يعتبر الأستاذ أن الرئيس السابق "تخلى طواعية عن الحكم" في حين أن الدستور و القانون يحرم عليه الترشح لمأمورية ثالثة، فمعناه أن أستاذنا لا يقيم وزنا للقانون و لا للدستور و يعتبر جبره اختيارا، و إلزامه تطوعا و تكرما.
و مع عدم التسليم باحترام الرئيس السابق للدستور طواعية؛ و احتمال وجود قوة قاهرة فرضت عليه التنحي بعد اكتمال مأموريتيه، فإن حديث محام بهذا الأسلوب يثبت أن مكانة القانون في العقل الباطني له محدودة؛ و هذا ما يفسر محاولة التلاعب به، و نشر الملفات المعروضة للعدالة على العموم، بعيدا عن المهنية و واجب التحفظ.
لقد اعتبر الأستاذ أنه "لولا غفلة هذا النظام لما كان للجنة برلمانية أن تتشكل"للتحقيق في ملفات العشرية السابقة" و لست أدري ما الذي يعنيه الأستاذ بالغفلة!؟
هل يعني بها حماية البلد و أمنه و استقراره عندما حاول العابثون الإضرار به...و في الوقت المناسب..
أم يعني بالغفلة، القضاء على أحلام المنتفخين ورَما، و الواهمين بمكانة لم يعد لها وجود... و في الوقت المناسب .
أم يعني بالغفلة تتبع ملايير الأوقية المنهوبة التي تم كنزها في كل مكان، و تفكيك خيوطها المتشعبة تشعب شبكات غسيل الأموال و عصابات الجريمة، و الوصول إليها ....و في الوقت المناسب ...
إن تضليل و تهافت حجج الأستاذ كلها مدعاة للشفقة، لكن أصعبها و أكثرها إيلاما، ذلك الذي يدفعه إلى تمني أنتهاء ملف موكله قبل الوصول للعدالة، و هي لعمري سابقة في التاريخ أن يتمنى محام إنهاء قضيته دون دفوع و لا جلسة و لا تقاض..."قد كان أمرك قبل هذا أمَما "...
فما الذي يخيفك و يفزعك من وصول ملف العشرية للعدالة، و قد جزمت بخلوه من أدلة الإدانه، و اعتبرته ملفا فارغا، و استهدافا شخصيا للرئيس السابق، أم أنك تدرك -حقا-حجم الموبقات التي يكشف عنها الملف، من فساد، و ثراء غير مبرر، و استخدام للنفوذ، مع اعترافات مسجلة من موكلك تؤكد امتلاكه لثروة هائله...!
صحيح أنه "كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها" لكن من الصعب تصديق كذبة براءة الرئيس السابق أو استهدافه استهدافا شخصيا، فهو الذي اعترف بثروته، و هو الذي رفض التعاون مع العدالة، و قد حجزت الجهات المختصة له من الأصول الثابتتة و المنقولة، ما يصعب حصره و عده، و مع ذلك ما زال الأستاذ يكرر نفس الاسطوانة المشروخة، في إطلالة شبه أسبوعية؛ تشوه الحقائق و تخرجها من دائرة التناول القانوني السليم.
لقد تضخمت العشرية و قائدها في ذهن الأستاذ حتى اعتبر أن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني جاء استمرارا لنهج سلفه، بل واعتبر أنه لو لا وجود هذه الفرضية لما انتخبه أحد، كبرت كلمة -إن لم أقل كذبة- هو قائها.
أكثر من ذلك يعود الأستاذ للتهديد المبطن، بحدوث ما لا تحمد عقباه إذا استمر ملف موكله و قدم للمحاكمة، و كنت أظنه تعلم من الدروس السابقة، عندما هدد بخطورة استدعاء موكله، و تم استدعاؤه بعد ذلك و استجوابه، و لم "تنطح فيها ش صاحبتها"
ألم يأن للأستاذ الشدو أن يعرف أن دوره محصور في أروقة العدالة و في نصوص القانون، لا في المواقع الاكترونية و صفحات التواصل الاجتماعي.
أم أنه بالفعل صدق ادعاءاته، لكثرة تكرارها، و قديما قيل: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق ما تقول.
أتمنى للأستاذ نهاية مغايرة لنهاية جوزف غوبلز، و أن يوفق في العودة للقانون و نصوصه و الدفاع عن موكله بطريقة تناسب مقامه و خبرته، بعيدا عن التضليل الإعلامي، و تشويه الحقائق، و ركوب موجات التواصل الاجتماعي التي لا تناسبه و لا تخدم تاريخه.
سيد محمد ابهادي
كاتب و ناشط سياسي