قتلانا في مالي و متطلبات المرحلة.

إلى حد الساعة ورغم إنتقال وفد رفيع المستوى إلى دولة مالي، و إبتعاث ممثلين عن الحكومة المالية لتقديم واجب العزاء في شهدائنا، و تشكيل لجنة مشتركة لتقصي حقيقة ما جرى و التعهد بتقديم القتلة المجرمين للعدالة، فإنه لم يتم نشر أي معلومة للرأي العام عن سير التحقيق رغم أن الجريمة واضحة المعالم و مضى عليها وقت كافي لإستجلاء الحقائق، إن كان التحقيق جادا.
عدم الحزم وعدم إتخاذإجراءات صارمة والإكتفاء بعبارات من قبيل نطلب من مواطنينا إتخاذ الحيطة و الحذر و عدم الإقتراب من أماكن الخطر و ...، دفع القتلة الماليين إلى إرتكاب جريمة ( ربينة العطاي)، و هي أبشع و أكثر ضحايا من سابقتها.
الوضع أصبح صعب للغاية، مما يتطلب العمل على وضع إستراتيجية تضمن حماية أرواح ساكنة الحدود مع الجارة مالي، و من خلالها يتم فك رموز هذا اللغز المحير، و الذي تسبب بفقد العديد من الأحبة الأبرياء.
إستراتجية تستند على الأبعاد التالية:
* البعد الدبلوماسي:
يجب وضع هدف إقناع حكومة دولة المالي بأن هذا الفعل الإجرامي يرمي إلى فك عرى التواصل بين شعوبنا وحكوماتنا، لأنه من غير المعقول السكوت على قتل مواطنينا بدم بارد و نبقى مكتوفي الأيدي، و أن هذا العمل تكراره يعني بأنه عمل مدبر و مخطط له و لا توجد مصلحة فيه لدولة مالي و لا لدولة موريتانيا، و إنما صاحب المصلحة من الوقيعة بيننا، إما كيان إرهابي، أو جهة حاضر في المشهد المالي و تسعى إلى تضيق الخناق على من يديرون دفة الحكم في بامكو... كل هذا وغيره من الأدوات الدبلوماسية يجب توظيفه لإقناع الحكومة المالية بضرورة جلب العصابة الإجرامية التي تقف وراء سلسلة القتل العمد التي طالت إخوتنا و أحبائنا الموريتانيين المذبوحين على الأراضي المالية، و بجلب هذه العصابة الدموية ستدرك أن التخفي بالزي العسكري المالي بهدف التفرقة بين شعبين يسود السلام و الوئام بينهما منذو أمد بعيد، أمر مستحيل و بعيد المنال. و من ناحية أخرى يتم تكليف وزارة الخارجية بمراجعة الإتفاقيات الثنائية بين بلدينا و العمل على تضمينها بما يضمن أمن جاليتنا و يُمَكًنُ من ملاحقة المعتدين على مواطنينا في العمق المالي.
* البعد الأمني:
إن دولة مالي الجارة تمر بفترة عصيبة، وغير قادرة على توفير الأمن لمواطينها و الجاليات المقيمة فيها، مما يتطلب وضع خطة أمنية محكمة، تضمن التدخل السريع لضمان أمن مواطنينا الأبرياء العزل. من قبيل إنتشار شبكة من العملاء الأكفاء لإقتفاء أثر كل مواطن دخل مواقع الخطر في دولة مالي، و تعميم أرقام هواتف للإتصال في حال الخطر، و القيام بمناورات عسكرية ضخمة على طول الحدود من حين لآخر، يتم فيها إستعراض القوة مما يساهم في ردع المجرمين و يبعث رسالة طمأنة للمواطنين بأن الدولة قادرة على حمايتهم. يضاف إلى هذه الخطوات، تسريع ترسيم الحدود و غلقها أو على الأقل إغلاق الحدود المقابلة للتجمعات السكنية، بإستثناء منافذ محدودة للعبور.
* البعد الاقتصادي و الرعوي:
بما أن السبب الرئيسي الذي جعل مواطينينا يُضحون بأرواحهم الغالية علينا، أساسا البحث عن المرعى المناسب لمواشيهم، و التجارة، مما يحتم علينا توفير بدائل على المدى القصير و المتوسط، تتمثل في توفير الأعلاف و الأدوية و بكميات ضخمة و أسعار مناسبة. و البحث عن فرص تجارية بديلة عن التسويق المحفوف بالمخاطر داخل دولة مالي، من قبيل توجيه بعض القروض الميسرة للطبقة المتضررة و العمل على تكوينها في مجالات زراعة و حفظ و تسويق الأعلاف....
تحقيق مضامين هذه الإستراتجية يتطلب تعبئة الكثير من المال، لكن تبقى دماء شعبنا الزكية لا تقدر بثمن، مما يتطلب العمل على توفير متطلبات المرحلة. و ثقتنا في شخص رئيس الجمهورية و وقوفنا على أهمية كل فرد من أبناء البلد عنده، يجعلنا مطمئنين على تدارك ما فات و تعبئة الموارد الضرورية لحفظ أمن المواطنين، و وقف الحملات المنظمة لقتل و حرق ساكنة الحدود مع دولة مالي.

د محمد الأمين شريف أحمد.

ثلاثاء, 08/03/2022 - 19:06

إعلانات