يتفق الكثير من الناس على أن للحق أنصاره وللباطل شيعه وأدعياءه الذين يدافعون عنه تحت مختلف العناوين والشعارات، وقد يصعب على البعض الفصل بين هذين الصنفين، لكن المتبادر إلى الذهن أن هناك من يخدمه التداخل الدائم بين المتناقضات ويشتغل على امتزاج النور بالظلمة، ومحاولة تسويق البهرج على أنه ذهب إبريز.
وفي السياسة كما في ثقافة "الهياكل" أو ثقافة "ممارسة الشأن العام من أجل الحصول على مكانة مادية أو معنوية"...، في كل هذه "الثقافات" لا يوجد شيء اسمه مصلحة الوطن، بل إن هذه العبارة من التيمات التي يتضجر منها أصحاب "السياسة من اجل المنافع" ويروجون لمنطق يشجع الصراع والتطاحن ويشع العبثية في كل شيئ، من منطلق أنه في العافية تبور تجارتهم ويخبو صوتهم وتذهب ريحهم..هم هكذا منذ اللحظة التي قرروا فيها أن يكونوا "رجالا" في واجهة المشهد، وإلا فما معنى الحملة المسعورة التي فاحت من أوكارهم منذ تعيين رئيس جديد للمجلس الوطني للتهذيب؟ّ!!..
ولكن أيا كان أصحاب هذه الحملة وما يتوخونه من ورائها، فإنهم بالتأكيد لا يريدون للتوجهات الجديدة أن تقف أمام نفوذهم وتموقعهم المزعوم وشعاراتهم المسمومة، فما هو وجه الاعتراض على تعيين إطار في مهمة جسيمة، وهو ويتمتع بكامل حقوقه الوطنية والمدنية؟!!..
وما بل من يتوخى الصدق في مثل هذه الأمور، أن لا يشيد بإقالة المشمولين في ملف الفساد من الموظفين حينها؟؟، فكيف تنشط "غيرتهم" على المصلحة العامة فقط عندما يبرأ البريء من طرف العدالة ويكلف بمهمة هو من أكثر الجديرين بها من أبناء الوطن ؟؟!!..
أم أنه هو وغيره من الذين شُملوا في ذلك الملف تُستحسن إقالتهم عند توجيه التهمة من خلال التعبير بالصمت من طرف الماكنات الإعلامية لسادة الصالونات، ولا يُستساغ تكليفهم بالمهام والمسؤوليات حالة تبرئتهم؟؟..فعلا هو المنطق الأعرج، أو قل هو منطق أصحاب الأجندات الخاصة الذين لا يبصرون مصلحة الوطن من خلال عدسة الجيب، مُقتاتين على فضلات التأزيم والشائعات، وجيف (آسواقه)، لا يراعون في المصلحة ولا الوطن ولا المواطن ولا السيادة إلا ولا ذمة، بسبب الغشاوة والانشغال بجر الجِراب المتخمة بريع الضغينة وضريع الدسائس وأمراض القلوب...!!!.
لقد حان الوقت لأن يدرك الجميع أن المؤسسات والسلطات في بلادنا بدأت تفعل فعلها بطريقة أكثر مهنية واستقلالية - قد لا تروق للبعض- وهو أمر حدث منذ تسلم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الأمور في البلد، ويعتبر من أهم متطلبات التنمية الحديثة، صحيح أن هناك من سيعتبر ذلك عائقا أمام نفوذه ومصالحه وأجنداته، من الذين ابتلاهم الله بضيق النظرة الممزوج بالرغبة في الاستحواذ على كل شيء، ولعلهم لم يدركوا بعد أن السيادة في هذا الظرف لم تعد ممكنة إلا لمن ضحى ويضحى من أجل الوطن وسكينته ورقيه ورفاه شعبه وتكاتف أبنائه ورص صفوفهم، بعيدا عن تمجيد الذات والاستهتار بإرادة الأمة وسيادة الدولة وقراراتها، فالوقت لم يعد لصالح ألئك رغم أنهم لا يشعرون..
سيداتي سيد الخير