لنستغل الطفرة الاقتصادية لاسنيم بشكل شمولي

خلال السنوات الثلاث الأخيرة نهض عملاق الاقتصاد الوطني اسنيم من تدهور كاد يقضي على أهم شريان اقتصادي وثاني أكبر مشغل بعد الوظيفة العمومية؛ هذا التعافي قيد الحديث سبقه آخر منذ قرابة عقد من الزمن لكنه لم يستغل بشكل أمثل فتجاوزت رياحه دون حسن اغتنام؛ وطبعا لكل خافقة سكون..

لا عيب ولا عجب أن تقدم اسنيم لعمالها رواتب تشجعية وتحسينات بنسب معتبرة بعد كل انتعاش وتحقيق للأرباح وهي أشياء مدرجة في النظم التسييرية للشركة وعلى إمضائها يجتمع مجلس الإدارة الذي هو الهيئة التشريعية لها، لكن أليس بالإمكان أحسن وأشمل مما كان؟ وهل تعنى اسنيم بعمالها فقط وهي وقفية عليهم؟ ألا يقع عار التردي المعيشي والهشاشة العمرانية للقرى المحاذية للسكة الحديدية على اسنيم؛ خاصة في أوقات الانتعاش والتعافي؟ من لأفدريك إذا تجاوزتها عين اسنيم؟ ومن لشوم واتميمشات وإنال وبولنوار؟ طبعا ليل السكان في هذه المدن والقرى ليس كليل من يبتعد عنهم صوت عربات القطار الأطول في العالم.. 

لا ننكر أن لاسنيم دور كبير في دعم الموازنة العامة للدولة وذلك شيء جد طبيعي، نحن نتحدث عن الطفرة الاقتصادية والفائض المالي؛ طبعا لتشجيع العمال منه نصيب الأسد لكن على الأقل ينبغي أن يكون هناك نصيب ما  لشباب القرى المذكورة والتي تضرب البطالة فيهم بسهامها وتنشب أظفارها؛ حتى صار ملاذهم تتبع حطام الحديد على جنبات السكة والذي أصبح ممنوعا عليهم ومجرما رغم ما يعتريه من بسط خفي لأيادي كبيرة لها صلة بالشركة نفسها تبعية أوتوظيفا!، قد يقول قائل أن خيرية اسنيم تنشط في الوسط الحضري الحاضن للشركة وهذا صحيح؛ لكن حجم المؤمل يرتفع مع ارتفاع الأرباح ويتسع باتساع تدخل الشركة وتعافيها، فمن غير المعقول أن تكون الشركة في سنوات التضعضع تقدم خدمات في مجال التعليم والصحة والمياه وغيرها وتظل نفس الوتيرة هي هي في أيام التعافي والنهوض، لنتجاوز في هذا التدخل المشكور مستوى صباغة المدارس وترميمها ترميما بسيطا، وتوفير صهاريج مياه؛ وعليها أن تبني مدارس مكتملة بجودة عالية وميزة عالمية؛ وكذا مستشفيات؛ وهنا نذكر مستشفى التخصصات في انواذيبو وهو منشأة جديرة بالاحترام والذكر، وينبغي أن تعود خدماته كما كانت؛ لما لها من فوائد على صحة المواطنين من مختلف ربوع الوطن؛ الوافدين إليه في فصول السنة الأربعة. 

أعتقد أن شركة اسنيم في أوقات التعافي كالتي نتحدث فيها؛ قادرة على بناء منشئات عمومية بموجب عقود امتياز تمنحها الدولة ويكون لها أخذ رسوم رمزية عليها تسترجع منها أصول الإنفاق وتبقى المنشئات زينة للوطن ومغنما للمواطن؛ ومن ذلك مثالا؛ إنشاء طريق سريع بين انواكشوط وانواذيبو، أو بناء أحياء سكنية وبيعها بشكل ميسر  على أمد زمني معقول للموظفين في قطاعي التعليم والصحة والقطاعات الأمنية في انواذيبو وازويرات مثلا، أو دعم مشاريع صغيرة لأبناء القرى والبلدات المتكئة على السكة الحديدية والملتمسة للعيش الكريم بمجاورتها إياها، ثم إنه بالإمكان أن تكون هناك استثمارات أخرى ترعاها اسنيم؛ فمثلا لم يظل الحديد يغادر بلادنا خاما بثمن زهيد ويعود إلينا بعد التكرير والتصنيع غالي الثمن؛ وهل سينتهي علينا الزمن والمواطن فينا يشقى عند اقتناء حديد للبنيان؛ ما الذي يمنعنا من احتضان نواة تصنيع للحديد والصلب؟، نحن بحاجة إلى أن ننهض بأفكارنا وننظر إلى الأمام ونحاسب أنفسنا على تقصيرنا في حق كل فرد من هذه الأمة؛ مهما كان معزولا، ونتجاوز النظر بين العطفين. 

 

جمعة, 29/04/2022 - 21:11