هِبات شركة تازيازت KINROSS للساكنة وللتنمية المحلية.. كبريت أحمر يذكر ولا يُرى

بين الفينة والأخرى تفاجئ شركة تازيازت موريتانيا، التابعة لشركة كينروس الكندية، الرأي العام بأخبار مُفرِحة في شكلها، مُحبِطة في جوهرها، تتحدث عن تقديمها هبات بملايين الأوقية لصالح السكان وللتنمية المحلية في موريتانيا، وتكشف عن توجهها نحو الإنفاق على التكوين، وتطوير مهارات العمال والموظفين.

فبخصوص رصد تلك الأموال الطائلة، لم يتسن لوكالة الوئام الوطني التأكد من صحة الخبر من عدم صحته.. ذلك أن الاطلاع على إنفاق الشركة ليس متاحا لغير المساهمين، ولا يستبعد أن تكون تلك الأموال قد رصدت فعلا.

أما فيما يتعلق بوصول الأموال للمستهدفين بها حسب ما يرد في بيانات الشركة فإن وكالة الوئام قد تتبعت الواقع على الأرض، عبر تحقيق ميداني شمل عمالا في الشركة وساكنة في المنطقة، فلم تجد أثرا للأموال الطائلة التي طالما تبجحت إدارة الشركة بإنفاقها على العمال وساكنة منطقة تازيازت، بشهادة المعنيين أنفسهم.

 إن سكان المدن والقرى والتجمعات السكانية وقاطني الأرياف في تلك المنطقة، يحرصون في كل سانحة على التأكيد على أن شركة تازيازت منحتهم السموم وتدنيس المقابر وقضم الأراضي بسخاء منقطع النظير، لكنها منعتهم بالمقابل من مساعدة المرضى وتعويض المواشي النافقة وتوفير المياه وتوزيع الأغذية.

 

عمال بلا حقوق

ورغم الأرباح الضخمة التي تجنيها الشركة على أكتاف العمال، فإن ظروفهم المعيشة والسكنية وضماناتهم القانونية مثل عقود العمل، تبدو كارثية وغير إنسانية، وهو ما يتم على مرأى ومسمع من إدارتها.

إن غالبية عمال الشركة يتم التعامل معهم عبر شركات مقاولة وسيطة دون عقود عمل ولا رعاية صحية ولا حتى ظروف معيشية لائقة، وبأجور لا تتناسب وحجم الجهد الذي يبذلونه.

 

ساكنة تعاني
أما على مستوى تجاهل معاناة الساكنة، فيكفي ما عاشته مقاطعة بنشاب مؤخرا من انقطاع للكهرباء والمياه وتعطل لشبكات الإتصال، دون ادنى تدخل من الشركة التي تنهب خيرات المقاطعة. 

فقبل هذه الوضعية الكارثية التي وجد السكان أنفسهم في قلبها، كان على شركة تازيازت أن تؤدي دورها الاستباقي لتحسين ظروف الناس وفق دفتر التزاماتها، ووفق ما يمليه الضمير وتحث عليه الأخلاق. 

وبعد حصول هذا الوضع الكارثي تعين على إدارة الشركة القيام بتدخل فوري وفاعل لمساعدة الساكنة في تجاوز المحنة في أسرع وقت دونما حاجة للانتظار، لكن ذلك ذلك لم يحصل. 

منمون في خطر
رغم كون منطقة تازيازت، ظلت مكانا هادئا وخصبا، ومجالا رحبا لتنمية المواشي نظرا لما تمتاز به من خصوبة تحفظ الكلأ والماء على مدى سنوات، ويصفها الموريتانيون بالمنطقة المباركة التي تكتفي بموسم خريف واحد يستمر لأكثر من خمس سنوات في كثير من الحالات، وفضاء للراحة والاستجمام.. إلا أن الكارثة حلت بالساكنة وبالمواشي مع قدوم شركة تازيازت، التي تعمل في مجال استخراج الذهب، فتحولت منحة المعدن النفيس، الذي يحويه باطن أرضهم، إلى محنة وعذاب لا يعرفان الحدود، وأصبحت غولا شرسا ومتوحشا أهلك الحرث والنسل في منطقة الساحل.

لقد لوثت الشركة البيئة، وقتلت الماشية، وأمرضت الأهالي، وحولت حياتهم إلى جحيم، حتى أنها حاولت نبش قبور الموتى طمعا في استخراج الذهب على حساب حرمتهم ومشاعر ذويهم وتعاليم دينهم.

ومع كل هذا البلاء القادم من وراء الحدود  تم تدمير كل مظاهر الحياة دونما وازع أخلاقي ولا رادع قانوني.

وللتغطية على عدم وفائها بالتزاماتها تجاه السكان المحليين، تقوم الشركة من حين لآخر بتوزيع مساعدات هزيلة على بعض السكان، لكنها تمنح المساعدات السخية للنافذين الكبار من فاعلين اقتصاديين وسياسيين كبار وممثلي هيئات المجتمع المدني، وذلك على حساب ساكنة المنطقة من منمين، وغيرهم. 

إن الادارة العامة الحالية لشركة تازيازت، وبشهادة الساكنة أنفسهم، لا تعبأ بمصلحة الساكنة ولا تعيرها أي اهتمام، وإنما تكتفي بربط علاقات وثيقة مع نافذين وبعض المنتخبين والفاعلين السياسيين والجموعيين، وهم وحدهم من يستفيد على حساب ساكنة المنطقة الذين لم تجلب لهم الشركة غير التلوث البيئي وانتشار السموم ودمار البيئة ونفوق المواشي، وهو ما يتنافى مع التوجيهات السامية لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، التي تلزم المسؤولين بتقريب الإدارة من المواطن وصون كرامته والسعي لتحقيق مطالبه وتطلعاته وآماله، لكن يبدو أن إدارة شركة كينروس تازيازت ترى أنها فوق القانون وغير معنية بتوجيهات رئيس الجمهورية، ولا باحترام دفتر الالتزامات.

إن حجم الشكاوى التي تصل بريد وكالة الوئام الوطني للأنباء من ساكنة منطقة تازيازت قد فاق كل التوقعات، ودل على نفاد صبر الساكنة التي لم تعد تطيق استمرار الوضع الحالي، ومن أبرز تلك الشكاوى ما توصلت به الوئام من طرف المنمي اعلي ولد مشنان، القاطن قرب "الغيشه" في منطقة تازيازت، بنفوق أكثر من 30 رأسا من غنمه و5 رؤوس من الإبل بسبب تناولها لمراع داخل سور الشركة.

وأوضح ولد مشنان، في اتصال جديد مع الوئام، أن الشركة تعاملت مع طبيب بيطري لإعداد تقرير طبي عن الحادثة، ووصفه بالمنحاز للشركة. 

وأضاف أن الطبيب عاين جثث الحيوان وقام بفحص عينات من الماشية، مؤكدا أنه أبدى الاستياء من هذه الوضعية وتعهد بإعداد تقرير عن القضية فور عودته لنواكشوط.

واتهم ولد مشنان الطبيب بتلقي رشاوى من شركة تازيازت، مشيرا إلى أن الشركة تواصلت معه وأبلغته أن ماشيته ماتت بسبب مرض وليس بسبب مواد سامة.

وأكد انه لم يتلق أي تعويض عن خسائره الفادحة، ولم يلق أي تعاطف من إدارة الشركة بوصفه أحد سكان المنطقة، مضيفا أن ممثلي الشركة طالبوه بتقديم شكاية لدى السلطات في تحد له وللحقيقة، كما قال المنمي  اعل ولد مشنان.

وكالة الوئام الوطاني

أربعاء, 15/06/2022 - 14:48