القانون التوجيهي لإصلاح النظام التربوي الوطني / صياغة العقول الموريتانية بقوالب أجنبية .

ما كنت  أول المنتقدين لمقاربات المناهج التربوية الموريتانية .

ولا أعتقد أنني سوف أكون آخر من خيبه هذا النظام التوجيهي لإصلاح النظام التربوي الوطني حديث الساعة !

غير أنني ارفض ذلك اليأس المطبق الذي يسود الساحة التعليمية الساخطة على "مقاربة الكفايات"  التي ما لبثت أن استغنت  عنها الدولة 

ب"مقاربة الأهداف" حتى عادت من النافذة في مسمى جديد هو " المقاربة المندمجة " 

فما أبرز الملاحظات التي تتوجه للبرنامج التوجيهي لإصلاح النظام التربوي الوطني ؟

ما الداعي لاستيراد عقول أجنبية ونحن نمتلك أصحاب الكفاءة والخبرة ؟

لست أفضل من يتحدث   عن  علوم التربية ، لا من جهة الكفاءة اللازمة ولا التجربة الطويلة .

ولكن سوف أسوق ملاحظات شكلية ومضمونية وأستخرج إيجابيات  في عجالة على هذا القانون .

*-أولا الملاحظات الشكلية :

وطبقا لطبيعة القوانين فإن" الموضوع" لا ينظر فيه قبل سلامة الإجراءات الشكلية .

 

وبناء عليه فقد لاحظت - بالإضافة إلى الأخطاء المطبعية - أنه يهمل اللغة التشريعية "الجامدة" أي المطابقة  ألفاظها لمعانيها .

فتراه يطلق أحكاما غير مرادة له مثل : يمارس مدير المؤسسة السلطة عل على جميع الأفراد والممتلكات في مؤسسته .

فلم يقل : بما يخوله القانون أو في إطار عمله .

 فضلا عن كونه  لا يلتزم المصطلحات الرسمية للبلد كما لا يراعي تقسيمة القطاعات وصلاحياتها.

 فمثلا يعبر عن وزير التهذيب بوصف (الوزير المكلف بالتهذيب) وهذا لقب يوحي بأنه وزير منتدب وليس وزيرا تاما.

ويتناول في تقسيمه التعليم الأصلي ومحو الأمية علما بأنهما من اختصاص قطاع سيادي هو : (وزارة الشؤن الإسلامية والتعليم الأصلي ) 

- يعبر ب"الشتات" عن "الموريتانيين في الخارج " الذي هو من اسم وزارة الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج .

والواضح أنه لقب فلسطيني مستورد من هناك .

- الإسلام السني لم يعرفه والنزاع في العالم المسلم اليوم على هذا اللقب كما أنه لا يحدد المذهب المالكي جزءا من هوية المجتمع .

* - ثانيا الملاحظات على المضمون :

1-  هذا القانون يتصور  مدرسة  لا توجد في البلد ، حيث يعرفها بأنها ذات مختبر ، وسور ، ونقطة مياه ، ولوازم صحية .

والكل منا يعرف ما الموجود فعلا .

3- يفترض مجتمعا مدنيا موحدا وجادا في الشراكة مع المدرسة .

4- يفترض مكتب آباء تلاميذ مثقفا واعيا بالأهداف المرسومة ، ويعرف الواقع ويحدد المأمول .

5- يتجاهل البيروقراطية في صعوبة - إن لم أقل استحالة -  اللقاء المباشر مع الوزير للمقترحات والمستجدات .

أضف إلى ذلك أنه يفترض وزيرا لا يقصر في عمله وله الحيوية والنشاط والاستعداد لهذا التراكم العملي .

 

6- يمنع جميع العقوبات الجسدية وكافة أنواع التوبيخ ويعاقب الأساتذة على ذلك

7 - يعفي التلاميذ وآباءهم من العقوبة في حال الإساءة على الأستاذ

8 - محوره التلاميذ وليس (التلاميذ وهيئة التدريس ) .

9 - يحمل المدير كافة المسؤولية عن العنف والحالات الصحية في مؤسسته ولا يزوده بحراسة ولا مرافقين  طبيين .

10- يحث التلاميذ على " الفكر النقدي " ولا يضع سقفا مقدسا دينيا عاليا على النقد .

12 - يفتح ما لا يستطيع إغلاقه في مجال اللغات ، حيث لم يوحد اللغة العربية الرسمية الجامعة لغة وحيدة للتدريس ، فقد كان يكفي للغات الأخرى اعتبارها لغة تخاطبية طوعية .

13- سنواته طويلة وكان ينبغي اختصاره ما قبل التعليم الابتدائي .

14- كثير الإحالات لما سينظم مستقبلا وهو ما يعبر عن صعوبة في التصور .

15 - يفترض توجيه البرنامج إلى الكون ، ونحن دولة نامية  قليلة العدد والصناعات ،  فدورنا محدود في التأثير في العالم وهذا ما يشكك في طابعه المحلي خصوصا في المجال القيمي .

*-  ثالثا الإيجابيات :

يعدد الشعب  التعليمية ،  ويقترح هيئة توجيه ، للمواهب  ،  ويلغي النجاح التلقائي ويستبدله بالتكوين المهني أو الاندماج في الحياة النشطة .

 وبالجملة فهذا البرنامج لا يحقق الأهداف المرجوة من تلميذ موريتاني مسلم سني مالكي معتدل ، قابل للعيش الطبيعي في محيطه المجتمعي الموريتاني بشكل مجتمعنا الحالي .

محمد المصطفى آكا .

سبت, 16/07/2022 - 11:50