الشعبوية و الرياء السياسي   

تتعدد أنماط التجيير السياسي و تتنوع أساليب الشعبويين في طمس الحقائق و تضليل المتلقين،  و قد تطورت وسائل التضليل  الإعلامي بعد مؤسسها جوزف غوبلز تطورا كبيرا  حيث كانت تعتمد على المناشير و الإذاعة و مكبرات الصوت  وأصبحت تستخدم  وسائل  التواصل الحديثة التي تغزو كل  بيت و تؤثر على كل فرد، و هو ما يفتح المجال أمام طالبي الشهرة و الشعبويين لمخاطبة  الطبقات الشعبية، محدودة الاطلاع و الثقافة، و استخدام سلاح الشعبوية المصوب نحو القيم و المنطق و كل سرديات الخطاب السياسي المتعارف عليه في فن السياسة و  التدافع على السلطة؛ القائم على البرامج و الدراسات و تحليل المعطيات و مقارنة  المنجزات بالإمكانات، و لن تجد شعبويا يستخدم أسلوبا علميا في النقد و التوجيه و الملاحظة، لأن همه محصور في تحقيق هدفه و لفت الانتباه إليه، مستخدما هموم الناس و مشاغلهم لتحقيق أجنداته و غاياته الخاصة.
يمثل جناح الشعبوية في سياسيينا اليوم ثلة قليلة وصلت إلى قبة البرلمان "صدفة" باستخدام وسائط التواصل و استغلال عواطف الناس الانسانية و الدينية، و التلاعب بالعقول و تغيير الحقائق.
اخر تلك الأساليب الشعبوية ما أقدم عليه النائب محمد بوي حين أوهم متابعيه و -للأسف بعض الأسرة التعليمية- أنه يمكن اعتماد زيادة رواتب المدرسين بنسبة مائة في المائة تبعا لاقتراح قام به سعادته،  في جلسة التصويت على قانون الميزانية المعدل، و لو افترضنا -جدلا- أن اقتراحه يمكن قبوله؛ فحتما ليس في قانون الميزانية المعدل، لأنه قانون يتناول البنود المنصوص عليها في القانون الأصلي،  ضف إلى ذلك أن زيادة الرواتب تخضع للموارد المتوفرة و كتلة الأجور الممكنة و ليست أحلاما يستيقظ عليها أحدهم يتلاعب من خلالها بعقول و مصائر أجيال بكاملها.
كلنا حريص على زيادة رواتب المدرسين و وضعهم في ظروف مثالية للقيام بمهمتهم المقدسة، و أولنا فخامة رئيس الجمهورية الذي قدم برنامجا أساسه الرفع من مستوى التعليم، و تطوير مناهجه و تشييد بنيته التحتية و تكوين أطره و الرفع من رواتبهم و علاواتهم.
و كان على الأسرة التعليمية بدل لاهتمام بشطحات الشعبويين أن تنظر إلى ميزانية التعليم أين كانت و أين أصبحت:
- فلأول مرة تصل ميزانية التعليم إلى نسبة . 18%  من مجمل الميزانية العامة.
و كان عليهم أن ينظروا إلى البنية التحتية للتعليم أين كانت و أين أصبحت:
- ففي سنتين تم تشييد أزيد 1200 حجرة مدرسية، و هو مجهود غير مسبوق لكن لا أحد من المتباكين على التعليم يهتم به.
و كان عليهم أن ينظروا إلى العلاوات المخصصة المدرسين أين كانت و أين وصلت.
و كان عليهم -وهذه مهمة في نظر أي مدرس-  أن ينظروا إلى مستوى التكوين و التطوير في البرامج و النظم التربوية التي أصبحت في سلم أولويات الوزارة.
صحيح أننا نتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه راتب المدرس يضاهي رواتب الوزراء و فوق رواتب النواب لكن ذلك يتطلب موارد كبيرة نظرا لعدد المدرسين معلمين و أساتذة، لكننا مقبلون على طفرة اقتصادية ستتحقق من خلالها كل مطالب الأسرة التعليمية وفاء بالتزام فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تجاههم و تثمينا لرسالتهم النبيلة.
و سيحدث ذلك بناء على معطيات اقتصادية ضامنة لاستمراره وليس رجعا لصدى أصوات الشعبويين الذين لا تهمهم الأسرة التعليمية و لا تقدير المصلحة العامة للوطن و استقراره،  بقدر ما تشغلهم الحملات الانتخابية و صناديق الاقتراع التي ستلفظ كل نواب " الصدفة" خارج قبة البرلمان مع أول استحقاق.
سيد محمد ابهادي
كاتب و ناشط سياسي

أربعاء, 27/07/2022 - 13:05

إعلانات