دعم المزارع أولى من دعم ملاك المصانع/د.محمدالامين اشريف أحمد

 

إستبشر المزارعون خيرا، برؤية فخامة رئيس الجمهورية المستنيرة لقطاعهم، تجسدت في حث المستثميرن و عامة الشعب في مناسبات عديدة على التوجه إلى الأرض، و الإستثمار فيها، و تحقيق الإكتفاء الذاتي من المواد الأساسية، و على رأسها مواد الأرز و القمح و الخضروات. مما يمكن الطبقات الضعيفة من إقتناء حاجياتهم الأساسية، و العيش في ظروف مناسبة.
إستجابت قطاعات عريضة من متوسطي الدخل و ما هم دون ذلك من فيئات الشعب، و إستثمرت في مجال زراعة الأرز خاصة، و رغم التحديات الجمة التى واجهتهم من إرتفاع مذهل لأسعار السماد، و تضاعف أعداد الطيور الٱكلة لمحصولهم، و محدودية الموجود من الحاصدات و إرتفاع أسعارها، و الحملة الإعلامية الرسمية المصاحبة لكل هذا، و التي تفند هذه التحديات و لا تعترف بها، و تدعي بأنها وفرت جميع حاجيات المزارعين، و الحق أن هذه الجهات الرسمية لم تدخر جهدا في حملة القضاء على الطيور الضارة، لكن الوسائل المرصودة كانت دون المستوى، مما حال دون تحقيق نتائج مهمة، كما أنها وفرت الأسمدة بأسعار باهظة، و إكتفت بتصديق هيئة أرباب العمل في إدعائها توفير الحاصدات، و رافقت كل هذه الإجراءات بحملة إعلامية كانت مضلة و ضارة، و حالت دون تقيم سليم يمكن من بناء إستراتجية تحقق الأهداف التي رسم فخامة رئيس الجمهورية.
رغم جميع العوائق المذكورة أعلاه، و غيرها إستطاع مزارعوا الأرز بفضل الله أولا و بعزيمتهم أن يحصدوا كميات معتبرة فاقت كل التوقعات، و قاربت تغطية 90% من حاجيات المواطنين من مادة الأرز. 

 *سلوك ملاك المصانع الضار:* 
ظلت ميكانيزما السوق تعمل لصالح الجميع المزارعون و ملاك المصانع إلى أن قرر الملاك في إجتماعات منسقة التضامن و العزوف عن شراء مادة الأرز الغير مقشرة إلا بأثمان متدنية ( بدأت عملية شراء مادة الأرز الغير مقشرة ب 15 أوقية جديدة لكلغ الواحد، وظل منحنى السعر في إنخفاض إلى أن وصل الكلغ الواحد ل 7 أوقية جديدة )، و هذا السلوك مكن الملاك من تحقيق هدفهم و الحصول على الأرز الغير مقشر بثمن لا يغطي التكلفة المبذولة في إنتاجه، و تسبب ذاك في خسارات كبيرة للمزارعين و قضى على طموحاتهم، مما سينعكس سلبا على القطاع برمته، و يحول دون رجوع المزارعين إلى الحقول مما سيحول دون تحقيق هدف الإكتفاء الذاتي الذي رسم لنا فخامة رئيس الجمهورية، و سيضاعف فاتورة الغذاء على طبقات عريضة من المجتمع.
و مما سيزيد من خسارة المزارعين، ما أعلنت عنه وزارة الزراعة، من إقناعها للحكومة بمباشرة شراء الأرز المقشر من ملاك المصانع، و الضغط عليهم لشراء مادة الأرز الغير مقشر بأسعار مناسبة من المزارعين، و هو إجراء سيزيد من هيمنة ملاك المصانع على السوق، و يزيد من إقصاء المزارعين، لأن المتتبع لسلوك ملاك المصانع، يدرك تماما سيطرت الفكر الراسمالي المتغطرس على عقولهم، فرغم حصولهم على مدخلات مصانعهم بأسعار هزيلة، إلا أن ذلك لم ينعكس على سعر الأرز في السوق و لم يستفيد المواطن العادي من الهبوط الحاد لسعر مادة الأرز الغير مقشر، ( سعر خنشة 25 كلغ من الأرز المقشر ظل في تزايد من يناير الماضي إلى أن وصل اليوم إلى 700 أوقية جديدة )، و بقيت الأرباح تتكدس في جيوب الملاك على حساب خسارة المزارع و تضخيم فاتورة المعيشة على المواطن. 
 
 *الحلول المناسبة* :
في علم الإقتصاد يتحدد سعر المنتوج عند نقطة التوازن بين الطلب و العرض، و كلما زاد العراض على الطلب تراجعت الأسعار، و العكس صحيح كلما إرتفع الطلب مقابل العرض تصاعدت الأسعار، لذلك من المناسب أن تعمد حكومتنا إلى زيادة العرض و الإستثمار في وسائل تعظيمه، و على رأسها الوقوف إلى جانب المزارعين و دعمهم على جميع الأصعدة، بتوفير قروض ميسرة، و توفير البذور الجيدة و السماد مجانا، أو بأسعار مخفضة جدا، و هذه إجراءات مطبقة في معظم الإقتصادات سواء على مستوى الدول المتقدمة أو تلك السائرة في طريق النمو، بالاضافة إلى توفير الوسائل المناسبة للقضاء على الطيور الضارة و الآفات الأخرى...
و في حالتنا هذه و التي سيطر فيها ملاك المصانع على السوق، و تمكنوا من تحديد السعر المناسب لطموحاتهم، سواء على مستوى إقتناء مدخلاتهم من الأرز الغير مقشر و الذي حصلوا عليه بأقل ثمن بيع به في هذا العقد من الزمن، أو على مستوى تسويق مخرجاتهم، حيث تمكنوا من بيع الأرز المقشر بأعلى سعر عرفته مادة الأرز في تاريخ البلد. 
في هذه الحالة من المناسب أن تباشرة حكومتنا الموقرة وعلى جناح السرعة، عمليات شراء واسعة للأرز الغير مقشر و بأسعار تمكن المزارعين الصامدين من عودتهم لحقولهم و مزاولة أنشطتهم ( بثمن 14 أوقية جديدة لكلغ الواحد على الأقل )، و تسهر على عملية بيعه لملاك مصانع التقشير بأسعار مناسبة مقابل موافقتهم على بيعه للمواطنين بأسعار في متناول الطبقات الهشة، و مساعدة المزارعين في هذه الحملة التي قضت على الكثير منهم عمليات البيع الإضطراري المفروضة عليهم، مساعدات عينية ومادية، تمكنهم من مواصلة العمل ( يمكن الرجوع إلى سجلات مندوبية وزارة الزراعة، و سجلات مفوضية الأمن الغذائي للوقوف على لوائحهم).
بهذه الإجراءات، تساهم الحكومة في زيادة العرض و تحول دون الإحتكار، مما يعيد للسوق توازنه الطبيعي، و يساهم في إنتشال المزارع من الضياع.

إن طموحات رئيس الجمهورية في مجال الزراعة لا حدود لها، و من المناسب أن ترافقها إجراءات من الحكومة تساهم في تحقيقها، ليعم الرخاء و تتحقق الاهداف الكبري للتنمية المستدامة. 
 
 *د محمد الأمين ولد شريف أحمد*

أحد, 31/07/2022 - 19:48

إعلانات