رسالة مسربة تكشف جوانب مظلمة لمهنة التوثيق في موريتانيا

حصلت شبكة المراقب على رسالة مسربة موجهة للمدعي العام لدى محكمة الاستئناف من طرف رئيس النقابة المستقلة للمحلفين العاملين في مجال التوثيق الأستاذ باب ولد يعقوب  ، الرسالة المذكورة مؤرخة بتاريخ 2023.01.16 ، يشكو فيها رئيس النقابة المذكورة  للمدعي العام ، أوضاع مهنة التوثيق ويتحدث  فيها عن ممارسات خطيرة تعرض حقوق المتعاقدين للضياع وعقود الموثق للبطلان مما يزيد الأعباء على القضاء دون تخفيفها.
و نبهت الرسالة المسربة المدعي العام إلى وجود أعمال  خطيرة تمس روح ومستقبل مهنة التوثيق تمارس في العلن بعلم الموثقين وبمباركة بعضهم ،وهي  تحرير العقود من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالمهنة ، ليسوا موثقين ولا أعوانا محلفين  ، بل مجرد أشخاص عاديين  سماسرة وأصحاب برص بسطوا  نفوذهم وتحكمهم ، نتيجة التنافس السلبي بين الموثقين على كسب الزبائن.

وختمت الرسالة بدعوة المدعي العام لدى محكمة الاستئناف إلى تدارك الأمر بالقول : " مهنة التوثيق أصبحت مسخرة الجميع وفقدت هيبتها ومصداقيتها ، وهي أمانة فلا تتركوا منتحلي الصفة يضيعوها".

تأتي هذه الرسالة في وقت تشهد فيه الهيئة الوطنية للموثقين خلافات ظهرت للسطح أخيرا ،أدت إلى إستقالة بعض أعضاء مكتبها التنفيذي، بالإضافة إلى عدم إحترام بعض مكاتب التوثيق مجال إختصاصها الترابي ، والتقصير والإهمال الذي وصل إلى حد ترك بعض الموثقين أختامهم تحت تصرف الغير والتوقيع مكانهم على العقود دون تفويض قانوني واضح، وغياب بعضهم لفترات طويلة عن الحضور والمداومة داخل مكاتبهم ، و تهرّبهم الدائم من تحمل مسؤولياتهم القانونية ، كما ظهر اخيرا جرّاء إرسال أغلبهم لممثلين غير شرعيين وبدون صفة قانونية، لإستلام الرموز السرية والتكوين على استخدام المنصة الرقمية الخاصة ببيانات القطع الأرضية والتحقق من صحة الوثائق العقارية المسماة منصة "لعكود" وهي مبادرة رائدة من وزارة المالية لتقريب الخدمات من المواطنين ، جرى تمييعها والتساهل معها بالتواطئ مع إدارة العقارات وأملاك الدولة .

كما  يشهد المجال إنتشار كبير و مثير للسخرية
 لمكاتب عرفيين يضعون لافتات إعلانية لخدماتهم في كل ركن و زاوية من العاصمة انواكشوط، و أخرى تتخذ من برص بيع السيارات و الأراضي و فروع شركات التأمين ونقاط بيع بطاقات الرصيد  موطنا لها ، يديرها أشخاص لا صفة لهم  ، يحوزون أوصال ورأسيات مكاتب التوثيق الرسمية المعتمدة ، ويقومون بتحرير بيوع السيارات والقطع الارضية وتلقي تصريحات الأطراف في جميع العقود التي يفرض القانون إعطائها الصفة الرسمية ،التي تدخل في إطار أعمال مكاتب التوثيق حصرا على مرأى من الجميع في غياب تام للسلطات الرقابية المختصة الوصية على مهنة التوثيق ، مما تسبب في انتشار ظاهرة تحريف وتزوير العقود و الإستيلاء على ممتلكات الناس بطرق إحتيالية ألحقت الضرر بالكثيرين - وهذا  ماحذر منه وزير العدل في عرض أسباب إصدار نظام اساسي جديد للموثقين خلال المؤتمر الصحفي الحكومي الأسبوعي بتاريخ 2022.06.30   -  كما خلقت الكثير من القضايا الشائكة التي أنتهت بأصحابها للجوء إلى القضاء ، أو تسويتها بدفع بعض مكاتب التوثيق لتعويضات مالية تجنبا للمساءلة القانونية  ، كما تسببت أعمال هذه المكاتب العاملة خارج إطار القانون  ،في حرمان الخزينة العامة للدولة من مداخيل مالية معتبرة.

يذكر أن مهنة التوثيق شهدت في السنوات الثلاث الأخيرة بعض الإصلاحات منها :
مصادقة البرلمان على نظام اساسي جديد للموثقين ،   تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ  15سبتمبر 2022 العدد 1517، ومازال ينتظر منذ  شهور صدور بعض المراسيم والمقررات المطبقة له ، على رأسها المرسوم المنظم والمنشئ للهيئة الوطنية للموثقين- التي تعمل الآن خارج الشرعية القانونية ، حسب تصريح بعض الموثقين المستقيلين من عضوية مكتبها التنفيذي -  وإكتتاب العشرات من المحلفين من حملة الشهادات الجامعية قامت وزارة العدل بتوزيعهم على مكاتب التوثيق بهدف الرفع من مستوى أدائها المهني وتقريب وتبسيط الخدمة على المواطنين ، وتنظيم بعض  الملتقيات والتكوينات لصالح الموثقين وأعوانهم .

 ويعَوّل قطاع العدل على مهنة التوثيق في القيام بأدوار هامة ، لقمع مرتكبي عمليات النصب والإحتيال والتزوير وتبييض الأموال والإستيلاء على الأراضي  والتهرب الضريبي ، زيادة على  تأمين ممتلكات الناس والحفاظ على استثماراتهم وضبط معاملاتهم  وإعطاء صورة لائقة عن القطاع ،   وإعادة ثقة المتعاملين  وجلب المستثمرين و رؤوس الأموال  ،بالإضافة إلى تخفيف الأعباء على الجهاز القضائي والمشاركة في تنفيذ بعض البرامج الحكومية الهامة .

ولم تحصل شبكة المراقب حتى الآن على معلومات تمكنها من معرفة مدى تجاوب المدعي العام لدى محكمة الاستئناف وقطاع العدل عموما مع هذه الرسالة وغيرها من الملاحظات والإختلالات التي تشوب أعمال مكاتب التوثيق في بلادنا.

 

أحد, 19/03/2023 - 22:17

إعلانات