عرفت الجمهورية الاسلامية الموريتانية منذ الاستقلال إلى اليوم تآمر عصابات تنشط بمناسبة وبدونها، تختلف أحيانا وتتآلف أحايين كثيرة، وهي المسؤولة عن كبح أي تقدم تنموي من أي نوع كان وعلى كافة الاصعدة.
لقد حاولت عصابات المال من أصحاب المصالح هؤلاء السيطرة على نظام المختار ولد داداه لكن الرجل كان يقظا وقام باختراقهم من خلال الاستعانة بمقربين منهم في مواقع تمكنهم من إحباط اغلب عمليات التهريب واحتكار سوق التموين والتغول على منافسيهم خارج مثلث المال الذي حدده الكاتب الفرنسي "فيليب مارشيزيه" في كتابه (نظام القبائل والاعراق والسلطة).
كما قام بوأد معظم الحركات السياسية في مهدها والتي كان يقودها خيرة من شباب البلاد الخلص رغم اختلافهم مع النظام القائم، لتسيطر نفس العصابات وبنفس الأسلوب على مفاصل الدولة منذ الإطاحة بنظام ولد داداه .
الجديد هذه المرة هو انتعاش الحركات السياسية ذات الطابع السري للغاية، والمرتهنة للخارج متأثرة بإديولوجيات لاتتناسب مع مقاس بلد منهك بآثار حرب الصحراء وضعف الموارد وقلة التعداد السكاني.
تتعاقب الأنظمة وتبقى العصابات تبدل جلدها حسب مايتناسب مع كل نظام، فتختلف في الشكليات أحيانا لكنها تحافظ على الجوهر الرامي الى تبادل الأدوار وتوريث النمط بغية السيطرة المحكمه على منافذ المال والسياسة في البلد، فلا يسمحون لرجل أعمال خارج المثلث بالنجاح مهما اجتهد، ويفشلون كل المشاريع التي تصب في مصلحة الوطن، أو قد تضمن اكتفاء ذاتيا في أي مجال ليبقى البلد رهينة لتفاهماتهم التقليدية واحتكارهم لبطاقات الاستيراد غير المحينة لتراعي احتياجات البلاد على الأقل حتى تتناغم عصابات المال مع أخواتها في السياسة بنفس النهج الاحتكاري التوسعي، معرضة كافة الانظمة لاختطاف ممنهج وسيطرة تامة تقصي كل من يبدي نية الاصلاح من سياسيين أو رجال أعمال وطنيين ذنبهم الوحيد عدم الانتماء لجهة بعينها رغم نجاحهم في كل ما أسند اليهم من مشاريع صاحبتها اعمال خيرية فضلو عدم ذكرها، حتى لا يشوبها رياء، لكن سندان عصابات المال ومطرقة متآمري السياسة يستمران في ممارسة الضغط والتشويه وقلب الحقائق لتبعد كل من لديه ذرة إخلاص لنظام ول الشيخ الغزواني الذي يشهد تقاربا غير مسبوق لتلك العصابات فيما بينها، ليس حبا فيه، بل من أجل بناء نفسها في كنف النظام، هدفها الأسمى استحقاقات 2024 .
فهل يدرك الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومة ولد بلال خطورة تناغم حركات وقبائل واعراق لايجمعها توجه ولا برنامج، بل لايجمعها وطن، بحكم تبعية أغلبها لأجندة خارجية، إضافة الى شخصيات لايربطها بالوطن سوى مصالح خاصة ضيقة أو مجتمعية، تكالبت مؤخرا نظرا لجو التهدئة والاجماع الذي طبع المرحلة، إنهم أخطر مما تتخيلون فليحذرهم الذين بمقدورهم تقديم استشارة أو نصحا لنظام يستحق أن يطبق رؤيته الثاقبة وبرنامجه الطموح بعيدا عن عصابات السياسة والأعراق والقبائل.
الا هل بلغت اللهم فاشهد
الشيخ سيد محمد محمد المهدي بوجرانه