كتب المحامي المشهور/عبد الله البشير المقال القانوني التالي حول جدل اثاره بعض القانونيين يتعلق بدستورية المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء نواب البرلمان الجديد:
وقد جاء المقال تحت عنوان:
هل إصدار رئيس الجمهورية مرسوم استدعاء أعضاء البرلمان المنبثق عن الانتخابات التشريعية يومي13 و 27 مايو لانعقاد دورة فوق العادة يوم الاثنين 19 يونيو 2023 مخالف للدستور ؟
انطلاقا من خلفيتي القانونية و من أجل المساهمة في هذا النقاش القانوني المهم و توضيح للمهتمين فإنني أتقدم بالإجابة على هذا السؤال المطروح بإلحاح من طرف البعض و هو :
هل إصدار رئيس الجمهورية مرسوم استدعاء أعضاء الجمعية الوطنية المنبثقة عن الانتخابات التشريعية يومي 13 و 27 يونيو 2023 لإنعقاد دورة فوف العادة يوم الاثنين 19 يونيو مخالف للدستور ؟
حيث إن لإجابة على هذا السؤال يستدعي مني الحديث عن مفهوم مخالفة الدستور و الحديث كذلك عن اختصاص رئيس الجمهورية في استدعاء أعضاء الجمعية الوطنية لإنعقاد بدورة فوق العادة و حلها بالدستور و ذلك من خلال النقاط التالية :
أولا- أن مخالفة الدستور تعني كما عرفها فقهاء القانون الدستوري هى العيب الذي يلحق بالتشريع عند إصداره من جهة الموضوع لمخالفته نصا دستوريا صريحا أو من جهة الشكل لمخالفته الإجراءات التي رسمها الدستور لتشريع القانون .
ثانيا- أن إصدار رئيس لجمهورية مرسوم استدعاء للجمعية الوطنية المنبثقة عن الانتخابات التشريعية يومي13 و 27 مايو لانعقاد يوم الاثنين 19 يونيو 2023 م لدورة فوف العادة منصوص عليه بالباب الثالث حول السلطة التشريعية من الدستور بالمادة 53 حيث نصت على أن :
(( للبرلمان أن يعقد دورة فوق العادة إذا طلب رئيس الجمهورية ذلك أو طلبته أغلبية أعضاء الجمعية الوطنية حول جدول أعمال محدد . لا تتجاوز مدة الدورة فوق العادة شهرا واحدا. تفتح الدورات فوق العادة و تختم بموجب مرسوم)).
ثالثا- القول بوجوب انعقاد البرلمان 15 يوما بعد انتخابه حسب المادة 31 من الدستور لا ينطبق على هذا البرلمان الحالي لأنه منتخب بعد انتهاء مأمورية البرلمان الماضي البالغة 5 سنوات و ذلك حسب المادة 47 جديدة من الدستور التي تنص على أن :
(( ينتخب نواب الجمعية الوطنية لمدة خمس (5) سنوات بالاقتراع المباشر . يمثل الموريتانيون المقيمون في الخارج في الجمعية الوطنية ,يحق لكل مواطن موريتاني بحقوقه المدنية والسياسية أن ينتخب نائبا إذا كان عمره لا يقل عن خمس و عشرين ( 25) سنة )).
إن حل الجمعية الوطنية المنصوص عليه بالمادة 31 من الدستور بفقرتها الأولى اختصاص استثنائي لرئيس الجمهورية و حيث أن الفقه عرف حل البرلمان بأنه انتهاء مدة نيابة المجلس النيابي قبل انتهاء مدة ولايته الدستورية .
كما عرفه الفقه أيضا بأنه إجراء دستوري يعمل على تقصير المدة القانونية المحددة لنيابة البرلمان أو أحد مجلسيه ، و الذي يكون مصحوبا بالدعوة لأجراء انتخابات نيابية جديدة .
يكمن الحل المذكور عادة بعد حدوث خلاف عميق بين السلطتين التنفيذية و التشريعية و بالتالي يتم اللجوء إلى حل البرلمان كوسيلة لحل الخلاف بالعودة إلى الشعب من جديد.
و حيث إن المادة 31 نصت على أن :
(( لرئيس الجمهورية بعد استشارة الوزير الأول و رئيس الجمعية الوطنية أن يحل الجمعية الوطنية . تتم الانتخابات العامة ثلاثين (30) يوما على الأقل و ستين (60 ) يوما على الأكثر بعد حل الجمعية الوطنية تجتمع الجمعية الوطنية و جوبا (15) يوما بعد انتخابها .إذا انعقد هذا الاجتماع خارج الفترات المحددة للدورات العادية . تفتح شرعا دورة لمدة خمسة عشر (15) يوما .
لا يجوز اللجوء إلى حل الجمعية الوطنية من جديد طيلة الإثنى عشر (12) شهرا التي تلي هذه الانتخابات )).
من خلال مطالعة هذه المادة فإن حق الحل سلطة خالصة لرئيس الجمهورية .
و حيث إن هذه المادة قيدت رئيس الجمهورية في حالة إصدار مرسوم الحل بضرورة إتباع إجراءات و ضوابط و قيود معينة و إلا كان الحل باطلا و هي :
1- أن رئيس الجمهورية يحل الجمعية الوطنية بعد أخذ رأي الوزير الأول و رئيس الجمعية الوطنية .
2- لا يجوز لرئيس الجمهورية حل الجمعية الوطنية مرة أخرى خلال السنة التي تلي انتخابها مباشرة , لأن الحل على الحل لا يجوز .
3- و ضعت هذه المادة قيدا زمنيا ، و هو ضرورة أن تجري الانتخابات بعد مدة ثلاثين (30) يوما على الأقل و ستين (60 ) يوما على الأكثر بعد حل الجمعية الوطنية.
4- أن تجتمع الجمعية الوطنية وجوبا بقوة القانون بعد ( 15) يوما بعد انتخابها.إذا انعقد هذا الاجتماع خارج الفترات المحددة للدورات العادية . تفتح شرعا دورة لمدة خمسة عشر (15) يوما .
انطلاقا مما تقدم نخلص إلى ما يلي:
1 – أن دعوة رئيس الجمهورية الجمعية الوطنية المنبثقة عن الانتخابات التشريعية يومي13 و 27 مايو لانعقاد دورة فوق العادة يوم الاثنين 19 يونيو 2023 ليست فيها مخالفة للدستور وهى من اختصاصه حسب المادة 53 من الدستور .
2- أن وجوب انعقاد الجمعية الوطنية (15) يوما بعد انتخابها المنصوص عليه بالمادة 31 من الدستور يتعلق بإجراءات الحل الاستثنائي للبرلمان .
و الله اعلم
الأستاذ عبد الله ولد البشير