تجنبت كثيرا الخوض في واقعة الإساءة للجناب النبوي الشريف من تلميذ(ة) جاهل الله أعلم بحقيقته وبدوافعه وبالأسباب الحقيقية لفحشه وفاحشته..
ولقد كان وراء تحفظي وترددي في التعليق على الموضوع سببان رئيسان:
1) قوة الصدمة وهول المفاجأة، والخوف من حديث قد يكون سببا في تشجيع انتشار مثل هذه الفواحش بين طلاب وتلاميذ أغلبهم لا أحد يعرف حقيقة من رباهم ولا كيف رباهم، ولا وسط أي ظروف عاشوا ويعيشون، ولا تحت أي تأثير يترعرعون!!
2) اعتقدت أن كل شيء يظل معلقا ومرتبطا بالموقف الرسمي وبالطريقة التي ستتعامل بها الوزارة مع هذه الكارثة ومع ذلك الطفل الضائع.
ومازلت في الانتظار، وهو انتظار لا أتوقع أن يطول؛ إذ لا يعقل أن تنتهي الوزارة من عمليات تصحيح الشهادة وفرز نتائجها النهائية دون أن تكون تحقيقاتها حول الحادثة قد انتهت، وقراراتها بشأنها قد حسمت؛ وحينها لابد من تقديم توضيح للرأي العام عن المسألة وعن أسبابها، وعن الإجراءات المتخذة بشأنها؛ سواء تعلق الأمر بشخص المعني، أو بما يجب اتخاذه من تدابير وإجراءات تحصن أبناءنا مستقبلا من أن يقعوا في مثل ما وقع فيه "زميلهم"، وبما يضمن أن يكون قطاع التعليم هو صمام أمان وسلامة العقيدة والدين، والشريعة والأخلاق الرفيعة...
أما مادفعني للكتابة الآن؛ فهو مطالعتي لصورة رسالة منسوبة للزميل الملتزم والأخ الفاضل الأستاذ نوح عيسى يعلن فيها تقديم استقالته من قطاع التعليم في بلادنا؛ انتصارا للنبي صلى الله عليه وسلم..
وقد أردت تعليقا على ذلك؛ التأكيد على أنه لا عذر لمسلم لم تسؤه الإساءة لخير الخلق وأفضلهم أجمعين عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، ولم يغضب له وينتصر..
لكن إعلان أستاذنا الفاضل استقالته من شأنه أن يُحَوِّلً تهمة الإساءة للجناب النبوي الشريف عن ممتحن جاهل مغمور؛ إلى نظام تربوي كامل..
وفي ذلك من التجني وعدم الإنصاف ما لا يخفى على فطن خبر التعليم في البلاد وعلم علم اليقين أنه (رغم النواقص والثغرات والتحديات في هذا القطاع) إلا أنه (وبكل تأكيد) ليس فيه ما يشجع على ما أقدم عليه ذلك الغر الضائع، ولا ما يدفع في اتجاه هجر الدين أو التفريط فيه، أو يشجع التشكيك في عقيدتنا وديننا الحنيف..
وهناك أكثر من مظنة يمكن البحث فيها عن سبب إساءة ذلك الطالب وسقوطه؛ فليزمنا أولا أن نعرف كيف يعيش وفي أي محيط، ومع أي رفيق، ومم يتعلم، ومع من يتعاطى، ومن أثر فيه، وما هو دافعه، وهل فعل ما فعل من تلقاء نفسه أم بتوجيه وضغط أو تغرير من غيره..
باختصار نحن نحتاج أولا إلى إجابات حاسمة على مثل هذه الأسئلة قبل أن نتقدم خطوة مدروسة نحو السؤال الكبير:
ما العمل إذن؟؟..
وحينها يكون لكل حادث وكل دافع أو غاية أو هدف؛ حديث، وربما أحاديث كثيرة..
حفظ الله لهذا البلد دينه ودنياه، أرضه وأهله، شبابه ونشأه..