:
تجددت الأحد الانتقادات الموجهة لميثاق التفاهم المبرم مؤخرا بين الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني، ورئيسي حزب التكتل ولد داداه، وحزب قوى التقدم ولد مولود المعارضين، حيث ظهرت معارضة قوية داخل المعارضة اعتبرت الاتفاق “انقلابا انتخابيا مسبقا على رئاسيات 2024، بل وطوق نجاة مقدم للرئيس الغزواني في ظرف إقليمي مضطرب”.
ووصف النائب البرلماني والحقوقي البارز بيرام الداه اعبيدي الاتفاق السياسي الذي يجري نقاشه بين حزب الإنصاف من جهة، وحزبي تكتل قوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم بـ”ميثاق التراجع التام عن نهج المعارضة”.
واعتبر ولد عبيدي “أن الاتفاق مرحلة متقدمة من الموالاة لمواصلة اضطهاد الشعب”، واصفا الخطوة بأنها “غريبة لكونها جاءت بعد انتخابات يشهد الكل بأنها كانت مزورة”، على حد تعبيره.
*معارضون اعتبروه انقلابا انتخابيا مسبقا على رئاسيات 2024*
وهاجم الناشط السياسي الشاب عبد الناصر بيبة الميثاق مؤكدا “أن الوثيقة أو المسودة الهزيلة على الأصح، حسب تعبيره، عبارة عن محاولة مفضوحة لتثمين مأمورية ملها الناس وعانوا فيها من فشل سياسة النظام الفاقد للبوصلة والعاجز عن الخروج من عباءة سلفه، كما يراد لها أن تسهم في التهيئة لحملة سابقة لأوانها للمأمورية ثانية والتسليم بنجاح ولد الغزواني مسبقا”.
وأكد يعقوب لمرابط رئيس حركة “كفانا” الشبابية المعارضة “أن الوثيقة السياسية التي تقدم بها حزبا التكتل وقوى التقدم إلى النظام الموريتاني ومن ثم القوى السياسية في البلاد، تشكل إدانة لمن تقدموا بها”.
وأضاف ولد لمرابط في تصريح نقلته الأخبار أن حركة “كفانا” تعتبر الوثيقة “ملاذا أخيرا لنظام ولد الغزواني، وتمهيدا لتزوير الانتخابات الرئاسية القادمة”.
ووجد ولد لمرابط في تصريحه انتقادات لحزبي التكتل وقوى التقدم، مستغربا “أن يكونا بتاريخهما النضالي الطويل يمهدان الطريق أمام نظام فشل في مأموريته وتساقطت حكوماته المتعاقبة في وحل الفساد”.
وأضاف “أي وثيقة من هذا القبيل كان ينبغي أن تعالج إشكال الوحدة الوطنية، وتشخص الوضع الإقليمي والدولي وانعكاساته على الوضع الداخلي، والأوضاع المعيشية المتردية، وسقوط القيم الجمهورية في ظل النظام القائم”.
وسبق لأحزاب موريتانية معارضة بارزة أن أكدت “أن أي وثيقة سياسية موجهة للنظام الحاكم، يجب أن يجري نقاشها وتنضيجها على مستوى المعارضة، لكن رئيس حزب قوى التقدم محمد ولد مولود أحد مصممي الوثيقة ومقترحيها يرى “أن الوثيقة ستجنب موريتانيا النزوح نحو حلول غير مرغوب فيها كالانقلابات العسكرية”.
وأعلن حزب “الإنصاف” الحاكم عن إطلاق وشيك لمفاوضات بين قيادته وقيادتي حزبي اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية المعارضين حول “وثيقة التفاهم”، ومنح قيادته مؤخرا تفويضا لمواصلة الاتصالات بخصوص الوثيقة “لتترجم إلى اتفاق سياسي يعزز مناخ التهدئة السياسية، ويترجم إرادة الانفتاح السياسي المعتمدة من طرف الرئيس محمد ولد الغزواني”.
وفي صف الساسة المدونين، اقترح المدون البارز محمد الأمين فاضل “على المعارضة الموريتانية عدم تضييع فرصة الحوار معه لتحقيق المزيد من المكاسب للديمقراطية الموريتانية، خاصة وأننا نعيش اليوم في منطقة تتراجع فيها الديمقراطية بسرعة مقلقة، وتنتشر فيها عدوى الانقلابات العسكرية بشكل لافت”.
وفي صف التحفظ على الوثيقة، انتقد حمادي ولد سيدي المختار، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (المحسوب على الإسلاميين)، المنهجية التي سلكها الحزبان المقترحان للوثيقة، مؤكدا “أنه كان من الأفضل ما دامت الوثيقة مقدمة من طرف حزبين معارضين أن تناقشها المعارضة بكامل أطيافها”.
وفي نفس الاتجاه، اعتبر الناطق باسم تحالف أمل موريتانيا النائب محمد الأمين ولد سيدي مولود في تصريح صحافي، أن “الوثيقة اتسمت بنعومة مفرطة تجاه السلطة وتهذيب كبير لواقع سياسي واجتماعي واقتصادي سيء للغاية”، على حد تعبيره.
وقال “هذه الوثيقة جاءت في سياق غير سليم، حيث منَحَ فيها حزبان معارضان الأولوية للنظام وللموالاة بدل النقاش مع المعارضة والمعارضين، وهذا النوع من الوثائق أو المقترحات يخدم الأنظمة بصرف انتباه المواطن عن المشاكل الحقيقية”، على حد وصفه.
وكان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قد استحسن ووافق في لقاء عقده مؤخرا مع رئيسي حزبي التكتل والتقدم أحمد ولد داداه ومحمد ولد مولود، على مسودة “ميثاق تفاهم وطني” يقترح الحزبان التوقيع عليه من طرف الحكومة ومن يرغب في ذلك من الأحزاب السياسية.
وينص الميثاق على مواقف محددة من بعض القضايا التي يرى الحزبان أن التوافق عليها ضمان لبقاء موريتانيا واستقرارها، وهي الظرف المعاشي للسكان والوحدة الوطنية، والحكامة الراشدة، والانتخابات.
القدس العربي