"ولاتة"..عبق التاريخ   ../د.محمدالحسن اعبيدي

حين تتجول بأزقتها المحاذية لجامعها العتيق تشعر بعراقة المكان  كأنك تتنقل بين أنهج وشوارع تونس القديمة :  باب بحر  القصبة والعطارين وجامع الزيتونة .
في جامع ولاته العتيق  بكل سارية من سواريه بقية مما ترك  شيوخ مخبتون عمروه بالتلاوة والذكر والتدريس  من الشيخ الكنتي للبارتلي للتاقاطي سيدي عثمان الذي ما تزال أسقف وظلال محظرته   شاهدة على  سعة علومه  وتنوعها ..
تجاورها  بجانبها الغربي : مجالس العلماء أصحاب  الكراسي العلمية المتخصصة في الحديث وعلومه ودقيق علم الكلام وجليله والتأصيل والتقعيد والتخريج الفروعي.
 ليستحضر ذهنك المجامع الإفتائية الكبرى :  مجمع انبوي والكصري .
والاستدراكات والنكت الدقيقة التي تميز بها القاضي سنبير ومحمد يحي ولد سليمة اليونسي صاحب الاختصارات المتنوعة تفسيرا وحديثا . 
لتعود بك الذاكرة للمؤلف الموسوعي المحقق الفقيه محمد يحي الولاتي نموذج.المثاقفة بين سفراء المحظرة وعلماء المؤسسات ذات التقاليد العلمية العريقة بحواضر العالم الإسلامي غربا وشرقا في جامع  القرويين بالمغرب أعطى وأخذ .
 وبجامع الزيتونة ناظر كبار العلماء وناقشهم بكبريات المسائل التي طرحت  بداية الانفتاح على المدنية الغربية .
الاحتفاء بتراث ولاته كشقيقاتها  ، لو تحول لاستثمار في الاقتصاد المعرفي  ببعث مراكز بحثية تستقطب الباحثين لتحقيق كنوزها العلمية  و فتح معاهد للتكوين في فنيات إنتاج ثقافتها المادية الناطقة وغير الناطقة " الانتربولوجيا والصامتة  ؛ الرمز والنحت.. واللامادية الميثلوجيا   ونمط ونحل العيش والفلكلور الذي يعكس ثراء وتنوع وتمازج  الأعراق المشكلة لمجتمها لكان جادا وأثرا باق .
وبدون  ذلك ستبقى مواسم الاحتفال بالمدن سواء سميناها مدائن  الترث أو  أبقيناها  على تسميتها المدن القديمة مجرد إعادة للماضي في الحاضر دون امتلاك لأدواته و قراءة للحاضر بعيون ماضوية  كمن يمشي مكبا على وجهه بخطى عرجا على طريق خطه أسلافه لم يستطع الاهتداء لجادته. بقلم د/ محمد الحسن اعبيدي

جمعة, 08/12/2023 - 12:37

إعلانات