تغريد داخل السرب! ذ/ باب امان كاتب الضبط الرئيس بوكالة الجمهورية بولاية اترارزه

بينما الجميع منشغلون باتفاقية تسيير المهاجرين ، وقراءة السير الذاتية لمعلني ترشحهم للانتخابات الرئاسية القادمة ، ومن هو مشغول بأحداث حياته العادية الصاخبة ، أود أن أعبر عن انشغالي بقضية عليها مدار أمرنا كله هي قضية إصلاح القضاء، الذي تسمعون عنه أكثر مما يرى واقعا، نحن موظفي القطاع ندرك الفرق بين الصورة الإعلامية للإصلاح ، وآثار استيراتيجياته على القطاع ، وكم شساعة ذلك الفرق ، التي لو اكتشفها الرأي العام لشك - لا قدر الله - في صدق نيات القائمين على البلد في إصلاح القضاء ، لن أتحدث عن وقائع قضائية ولا ممارسات في مسرح العمل القضائي ، فتلك أمور يلجمني القانون عن الخوض فيها ، لكن الأخطر منها هو وقوف بعض مكونات الحقل القضائي دون أي خطة من شأنها الرفع من أداء وفاعلبة وإصلاح المكونة الأخرى ، لأغراض غالبا ما تكون شخصية وضيقة ولا علاقة لها بالقانون ولا " الوطنية" ولا حتى الواقعية، ولا ألوم أصحاب هذه الممارسات ذات المنشأ التقليدي العتيق ، لأنهم ربما تشكل عندهم قناعة أو يرون فيها مصلحة لهم ، ولكن ألوم وزارة العدل التي تقوم على تنفيذ خطة الإصلاح أن تقبل التدخل في مسارها على هذا النحو ، لأنه كان يجب أن نكون جميعا أرضية للإصلاح لا عناصر منها ، وإن كانت خطة الإصلاح تعتمد مقاربة كمقاربة الكفايات المعروفة في التعليم والتي تقوم على أن يعلم التلميذ نفسه تحت إشراف المعلم ، فيجب أن يسمح لكل مكونة باقتراح ما تصلح به ، وفعلا هناك شيء من ذلك ، فقد سمح لبعض المكونات بصياغة نصوص تحكمها وتمت المصادقة عليها ، وسمح لأخرى باقتراح امتيازات والموافقة عليها ، وتمنع مكونة أخرى أساسية هي كتاب الضبط من أي من ذلك ، بل يسمح لأقطاب أخرى من القطاع بالتدخل لعرقلة ما يتعلق بها .

هو خلل كبير ستظهر تبعاته لاحقا وهي كارثية ، ولن يتحملها ممولو الإصلاح والشركاء الدوليون ، حين يدركون أن هناك بؤر فشل المشروع كله ، صحيح أنه لم تكشف جهة حتى الآن عن هذه الإختلالات ، لا لأنها ليست على علم بها ولكن لأن آثارها لم تظهر حتى الآن بسبب عدم وجود نقابات جادة ، تعمل على تشخيصها ومحاولة علاجها أو حتى إطلاع الرأي العام عليها ، والأمثلة الحية كثيرة في هذا الموضوع منها طريقة تنفيذ المرسوم رقم 209/2023 المتعلق بتنظيم إدارة وزارة العدل وصلاحيات الوزير، وقضية الوقوف أمام الإنتقاء والمهني والتقدم داخل الأسلاك ، الذي يتحجج البعض أنها مشكلة تعم كل القطاعات مع أننا لا نعدم تقدمات في قطاعات إدارية أخرى من حين لآخر ، وتمنع كفاءات وأصحاب تجربة وممارسة طويلة من ولوج القضاء ، حتى لا يوجد كاتب ضبط بالأمس قاض اليوم ، فذلك يراه البعض تقليلا من قيمة القاضي ، يفضل عليه تاجر أو صياد بالأمس وقاض اليوم ؟؟؟؟ وكذلك ممارسات أخرى لا يتسع المقام لذكرها ، تحتاج إلى إعادة النظر والتقييم حتى لا يكون فساد ويكون التوجه كله للإصلاح ، فالقضاء هو الضامن للحريات ، وهو أساس التنمية ، وصائن الحقوق ، إنها رؤوس أقلام من واقع عريض طويل يتطلب جهدا كبيرا لمعالجته لا يتسنى في سطور كهذه.

جمعة, 01/03/2024 - 15:53

إعلانات