تقدّم السودان بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات، بسبب دعم الأخيرة قوات "الدعم السريع" في مواجهة الجيش السوداني.
وقال مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، إنّه "في 15 أبريل 2023، نفّذت قوات الدعم السريع هجوماً واسع النطاق على أهداف سيادية واستراتيجية في العاصمة الخرطوم" بهدف القضاء على مجلس السيادة الانتقالي "ومن ثم استلام السلطة تنفيذاً لأجندة تدخل خارجية".
وأضاف الحارث: "وعندما فشل الهجوم، تحوّلت الميليشيا المتمردة إلى ارتكاب انتهاكات وفظائع بدعم غير محدود من الإمارات العربية المتحدة، فنفذت هجمات ممنهجة ضد الدولة وخربت بنيتها التحتية واستهدفت المدنيين بالقتل والنهب والاغتصاب والتشريد".
وأوضح الحارث أن الإمارات "لعبت دوراً رئيساً في إشعال الحرب عبر حليفها الداخلي ميليشيا الدعم السريع" ما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء ونزوح وتهجير الملايين من السكان وتعريض الملايين إلى التأثر غير المسبوق بالفجوة الغذائية وانعدام الرعاية الصحية ونقصان الأدوية وتصاعد الشقاء والمعاناة المهولة ووقف عجلة الإنتاج وانهيار الاقتصاد وانتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم ترقى للإبادة الجماعية" وفق ما قال.
ولفت الحارث إلى أن "أفعال دولة الإمارات شكّلت تهديداً جدياً للسلم الإقليمي والدولي، وضرباً من ضروب أعمال العدوان والإخلال بالسلم وانتهاكاً صارخاً لسيادة السودان، كما مثلت أيضاً أفدح صور التدخلات غير المشروعة، بل وأخطرها وهي التدخلات العدوانية التي تهدد السيادة والسلامة الإقليمية وحرية الشعوب واستقلالها ورفاهها".
وأشار إلى أن "المسلك العدواني الذي جسده موقف دولة الإمارات من الحرب في السودان منذ أبريل 2023 حتى هذه اللحظة" يقدم "دليلاً على علم الإمارات علم اليقين أنها حينما فعلت ذلك كانت تعي أنها تخطط لعمل عدواني مسلح وتدعم فريقاً مسلحاً عسكرياً يناهض الدولة وحكومة السودان ليقوم بتنفيذ ذلك المخطط".
وأكد مندوب السودان أن الإمارات مطالبة بتقديم تعويض عن الأضرار والخسائر "التي تسبب فيها هجوم ميليشيا الدعم السريع المدعومة من قبلها، وفقاً لمبادئ القانون الدولي المتصلة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً".
وفي مذكرة رفعها المندوب السوداني إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي طالب الإمارات بـ"التعويض عن الخسائر التي تسبب فيها العدوان الإماراتي وتقديم المسؤولين عن ذلك للمساءلة الدولية".
كما دعا الدول الأعضاء إلى "التنديد علناً بعدوان دولة الإمارات على السودان وشعبه، وتسميتها صراحة ومطالبتها بشكل حازم بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، والوقف الفوري لتجنيد المرتزقة وقطع الدعم العسكري واللوجستي والإمدادات والمؤن إلى ميليشيا الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها".
كما حثّ على مطالبة دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى بوقف "تنفيذ مخطط العدوان على السودان عبر التغاضي عن عمليات التجنيد للمقاتلين الشباب في أراضيها لتعزيز المجهود الحربي لميليشيا الدعم السريع، والسماح للمرتزقة بالمرور عبر أراضيها وإتاحة أراضيها لاحتضان المقاتلين وإيواء الجرحى ونقل الأسلحة والمؤن والعتاد الحربي إلى الدعم السريع في دارفور وغيرها".
الخارجية السودانية: الإمارات اختارت أن تكون عدوّاً للشعب السوداني
من جهته، وجّه وزير الخارجية السوداني، علي صادق، اتهاماً إلى الإمارات بـ"تمويل وتسليح قوات الدعم السريع".
وقال صادق، في حديث مع "بي بي سي بالعربية"، إنّ الإمارات "اختارت أن تكون عدواً للشعب السوداني وأن تدعم الميليشيا" وفق تعبيره، مضيفاً أنّ الإمارات "باتت شريكة في الدمار والخراب الذي لحق بالسودان".
وبشأن قضية طرد الدبلوماسيين أكد صادق أن "الإمارات هي التي بادرت وطردت مجموعة من الدبلوماسيين السودانيين، وبالتالي التزاماً بالقانون الدولي يحق لنا القيام بالمثل، وقد طردنا عدداً من الدبلوماسيين الإماراتيين".
تجدر الإشارة إلى أن سفير السودان اتهم الإمارات، نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي، برعاية ودعم قوات "الدعم السريع" في الحرب التي شنّتها على الدولة السودانية في منتصف شهر نيسان/أبريل الماضي.
وقال، في إحاطة أمام مجلس الأمن، إنّ "القوات المسلحة تواصل حربها الدفاعية لصدّ العدوان متعدد الأطراف الذي ترعاه عدد من الدول، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة التي تزوّد ميليشيا الدعم السريع بالأسلحة عبر مطار أم جرس".
كما أكد الحارث "ثبوت مشاركة مجموعات من دول أفريقية في الحرب إلى جانب ميليشيا الدعم السريع، مثل أزواد وسليكا وفاكل Facl جبهة الوفاق"، مشيراً إلى أنّ هذا التحالف "سيهدد الأنظمة في مالي وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد".
يذكر أن الأمم المتحدة حذّرت، قبل نحو أسبوع، من أن "السودان يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث بعد ما يقرب من عام من الحرب".
وقالت مديرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إيديم وسورنو: "بينما نقترب من الذكرى السنوية الأولى للصراع، لا يمكننا أن نوضح مدى اليأس الذي يواجهه المدنيون في السودان" وفق تعبيرها. مؤكدة أن "18 مليون شخص أو نحو ثلث السكان يواجهون نقصاً حاداً".
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن غالبية المتضرّرين موجودون في مناطق النزاع الساخنة في إقليم دارفور وكردفان، وفي ولايتي الخرطوم والجزيرة في السودان. وقد أدى القتال إلى تقييد الإنتاج الزراعي، وتدمير البنية التحتية الرئيسية، وتسبّب في ارتفاع الأسعار وتعطيل التدفقات التجارية، من بين آثار أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 7 ملايين شخص في جنوب السودان، ونحو 3 ملايين في تشاد، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، بسبب الصراع منذ 15 أبريل 2023.
الميادين نت