مليارات حكومية (سائبة)

خلال المأمورية الأولى كان أداء الحكومة الرابعة محتشما وهزيلا، و هذا راجع لعدة أسباب منها ضعف التغطية الإعلامية و الاستشارية بالإضافة إلى نفس الشخوص التي لعبت أدورا مماثلة إبان حقب الأنظمة المتعاقبة.
خرجات فخامة الرئيس، خاصة في التدشينات الأخيرة، ربما توحي بنقص في فن الاتيكيت و الإستشارة البروتوكولية. فجسر طوله 200م في أطراف العاصمة و مسافة 20 كم لطريق معبد في قرية نائية لا يحتاج لهذا الثقل الرئاسي الوازن، خاصة أن البديل موجود بدء من الوزير و وصولا للسلطات الجهوية و الولائية و البلدية. 
ربما أراد مستشارو الكواليس تحسين صورة النظام قبيل الحملة الانتخابية التي باتت على الأبواب لكن الوقت و المكان كانا بالمرصاد، فالتصريحات الحكومية المتتالية بصرف مبالغ فلكية من مليارات الأوقية في زمن الشدة و الرمادة (حوالي 1043 مليار أوقية، في حين أن الدين الخارجي سالب 1848 مليار أوقية) وصور موائد الإفطار الفاخرة يصاحبها على أرض الواقع (بعيدا عن الصور الملونة ثلاثية الأبعاد) فقر مدقع و شح شديد في الظروف المعيشية وارتفاع مذهل لأسعار المواد الاستهلاكية. 
لا شك ان النظام في ورطة، و هذا ما أشرنا إليه في مقال سابق، و رغم أن المأمورية الثانية، كما أكدنا آنفا، مجرد مسألة وقت، فالأمور شبه جاهزة و تنتظر المصادقة على النتائج، لكن هناك صعوبات جمة لم يضعها النظام في الحسبان منها على سبيل المثال لا الحصر من هو المرشح (الفحل) الذي سيحلل النتائج ؟.
لقد أصبح فخامة الرئيس بلا منافس و بلا معارضة، و هذا في حد ذاته مأزق و الخروج منه يتطلب ثمن بقرة صفراء.
طوابير المنسحبين و الداعمين من الأحزاب الميكروسكوبية تفتقد الشعبية و أغلبها بالكاد حصل على نسبة التجاوز. 
إذن فالفرصة على طبق من ذهب لحزب (تواصل) و تكرار نفس السيناريو في الانتخابات الرئاسية السابقة، لكن السؤال من هو خليفة السيد سيدي محمد ولد بوبكر؟
خلاصة القول أن رسالة الغرب (فرنسا) إلى نواكشوط وصلت عبر انتخابات داكار،  وأعتقد أن النظام استوعب (رموز) الشيفرة. 
إن الأوضاع على الحدود الشرقية و الجنوبية و الشمالية متوترة جدا و جد مقلقة، فالسلطات المالية ترد الجميل لموريتانيا، بعد وقوف النظام و الشعب الموريتانيين معها في وجه دول (إيكواس)، لكن على قاعدة (جزاء سنمار). 
أما من الضفة المقابلة فثمة تصريحات غير ودية مستفزة من الجار الجنوبي اللدود. 
وشمالا يحاول المغرب الاستفزاز عبر أقلام مأجورة و حلقة جديدة من مسلسل أحلام التوسع (فيدرالية المغرب- موريتانيا). 
الرباط في موقف لا يحسد عليه فهو (على الصامت) فيما يخص الحرب مع البوليساريو، خوفا من انهيار اقتصادي واجتماعي، و جبهة البوليساريو تستغل الوضع و تكثف الهجمات النوعية على طول الجدار العازل و في عمق التراب المغربي و تتحفظ على المعلومات من ضحايا و قتلى و جرحى وغنائم و وثائق مأخوذة عنوة من الطرف المغربي. 
و حسب مصدر دبلوماسي رفيع المستوى فإن الرباط تشترط وقف إطلاق النار لتستأنف المفاوضات مع جبهة البوليساريو وهذا شرط مغربي وحيد مقدم للمبعوث الأممي دي ميستورا الذي يقوم بزيارة عمل و أستطلاع إلى المنطقة قبيل اجتماع مجلس الأمن الروتيني لتمديد بعثة (المينورسو) المتورطة في قضايا تجسس راح ضحيتها قيادات و مدنيون صحراويون. 
إن المعلومات المتوفرة تشير إلى تطورات جوهرية و دخول مرحلة (جدية) قد تقلب الموازين و تعطل المعبر البري المتنفس الوحيد للمغرب. 
وفي المقابل لدى نواكشوط نفس طويل و صبر و تأن و حنكة، و هي تمسك العصا من الوسط، فهي الرابح الأكبر و بالتالي لن تنجر وراء استفزازات وهمية. 
فنواكشوط تمتلك كافة وسائل الرد و الردع و ليست ملزمة بأي اتفاق لا يحترم السيادة الوطنية والمصالح العليا للبلد. 
أعتقد أن السيناريو المحتمل و الأقرب إلى الواقع هو فوز الرئيس الحالي بنسبة تتراوح بين 55 % و 65 % في الشوط الأول، كما ستشهد موريتانيا أكبر عملية توظيف للمال السياسي. فالتصريحات الرسمية بصرف مبالغ خيالية هي رسالة مقصودة والهدف منها يتلخص في أن من يريد المال و المشاريع فعليه دعم مرشح النظام، و هي رسالة إلى تجار الحملات، اما الاحتمال الثاني الضعيف جدا فهو إنقلاب سياسي داخل حزب (الإنصاف) و دعم مرشح مجهول انتقاما من قيادة الحزب، خاصة في ظل تصاعد حدة توتر الخلاف بين النافذين. 
لكن اي مقايضة أو ترقية تكفي لطي ملف الخلافات.

أ. عبدو سيدي محمد 
بتاريخ 5 ابريل 2024

جمعة, 05/04/2024 - 21:23

إعلانات