توجد إعدادية تيارت 1 في وسط مقاطعة تيارت التابعة لولاية نواكشوط الشمالية، وتعتبر من أعرق المؤسسات في هذه المقاطعة، ورغم ذلك "فأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"، فرغم حجمها الكبير، حيث تضم 18 فصلا يتجاوز عدد تلاميذ كل منها 70 تلميذا !؟ وبهذا تضرب الرقم القياسي في الاكتظاظ، وعن واقع هذه الحجرات حدث ولا حرج، فبعضها بلا أبواب والبعض الآخر يفتقد المقاعد، والأوساخ والقمامة هما السمة البارزة والقاسم المشترك بينها جميعا، والمراحيض (أكرمكم الجليل) فتعرفهم بسيميهم، فهم مكب النفايات والقاذورات، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منها، وإن كانت الإدارة تُحكم غلق أحدها للاستخدام الشخصي، والرقابة شبه معدومة، فالبوابة غالبا مفتوحة، بعد الفشل في الحصول على بواب لها، والتلاميذ يتسورون الجدران، حتى مع وجود الأسلاك الشائكة. في ظروف كهذه لا تسلني عن التحصيل ولا عن التغيب، وحتى الفوضى الخلاقة داخل الأقسام، فالأمر لم يعد يطاق.
بعض الأمهات أدركن هذه الوضعية، مبكرا، فحرصن، منذ افتتاح السنة الدراسية الجارية، أن يرافقن بناتهن يوميا، جيئة وذهابا، ويرابطن أمام فصولهن يوميا، وهذا هو الحل بالنسبة لهن، بعد ما رأينه جهارا نهارا من اختلاط وتسيب وغياب للرقابة، بل إنهن ينصحن كل أم أن تحذو حذوهن، فالحضانة والتربية والتهذيب بالنسبة لهن أولوية قبل التحصيل العلمي.
كان هذا عن الظروف العامة للتحصيل العلمي في هذه المؤسسة التعليمية، أما إن دخلنا هذه الفصول فإن أول ملاحظة ستسجلها هو عدم وجود الاكتظاظ الذي تتحدث عنه الأرقام الرسمية للمدرسة، والسبب هو العدد الكبير للمتغيبين الذي يتراوح أحيانا بين 30% إلى 40% ! وهو ما يفسر الحضور المكثف لهؤلاء التلاميذ، بصورة شبه دائمة، أمام البوابة الرئيسية لهذه المؤسسة، أما تغيب الطاقم المدرسي فهو ظاهرة كثيرا ما يتحدث عنها هؤلاء التلاميذ، وإن تقلصت مع قرب اختتام السنة الدراسية، وهذه الأسباب مجتمعة تكفي لتفسير المستويات المتدنية لتلاميذ إعدادية تيارت 1، فأنى لتلميذ في ظروف كهذه أن ننتظر منه مستوى مقبولا ؟! سنكون قد ظلمناه حينها.
بصفتي أبا لتلميذين في هذه المدرسة، ونظرا لحرصي على مستقبل أبنائنا الذين يدرسون هذه السنة في هذه المؤسسة، فإني أرى أن الساحة تحتاج كنسا، والأقسام تحتاج كنسا، والإدارة تحتاج كنسا، ورابطة آباء التلاميذ، هي الأخرى، تحتاج كنسا، وأي مراجعة لا تطال كل هذه العناصر، ستعتبر عملا عبثيا.
وأخيرا، ومادامت وضعية هذه المدرسة على هذا الحال، أرى من واجبي أن أنصح الأمهات بمرافقة بناتهن والبقاء إلى جانبهن في هذه المدرسة، كما أنصح الآباء بتسجيل أبنائهن في دروس التقوية كي يتجاوزوا هذه المحنة وليكتشفوا المستويات الحقيقية لأبنائهم.
محمد عبد القادر
أب لطفلين في الاعدادية
تيارت بتاريخ: 28 إبريل 2024