دور التكوين في تطوير الكفاءات وتعزيز العمل الجماعي
إن التكوين له دور مهم وحيوي في تطوير الموارد البشرية في المؤسسة العمومية حيث تعمل هذه الأخيرة على توفير المعلومات والمهارات المطلوبة في تأدية المهام، وهذا من خلال تحديد الاحتياجات التكوينية للموظف ومن ثم صياغة البرامج التي تبنى على أساس الاحتياجات وتطبيقها إضافة إلى استخدام أساليب مختلفة ومتنوعة من أجل تسهيل العملية التكوينية على الموظف. كما أن الكفاءة في المؤسسات العمومية تعتبر ضرورية اليوم في شتى المجالات كما أنها تشكل عنصرا فعالا حيث تعمل اليوم هذه المؤسسات جاهدة على استقطاب الموارد البشرية ذات النوعية ويكون هذا الاستقطاب داخليا أو خارجيا أو معا.
حاولنا من خلال هذه المعالجة للموضوع "دور التكوين في تطوير الكفاءات في المؤسسات العمومية الموريتانية من خلال ما نراه جليا في مؤسسات التكوين التقني والمهني" وهذا نظرا للأهمية الكبيرة لهذا الموضوع في الوقت الراهن حيث أظهرت نتائج التحاليل السابقة التي أجريت في هذا الصدد إلى أن عملية التكوين أصبحت تلعب دورا حاسما في تطوير قطاع التكوين التقني والمهني وتوفر له كل الوسائل المادية والبشرية من أجل رفع كفاءة الموظف وتحسين عملية التكوين، وفيما يلي عرض لما توصلنا له في هذه المعالجة :
أهمية العنصر البشري في المؤسسات
العنصر البشري هو العمود الفقري لأي مؤسسة، حيث يعتمد نجاح المؤسسة بشكل كبير على كفاءة موظفيها وقدرتهم على العمل الجماعي. تطوير المهارات الفردية والتشجيع على التعاون بين الموظفين يسهم في تحسين الأداء العام وزيادة الإنتاجية.
دور التكوين في تعزيز العمل الجماعي
التكوين لا يقتصر فقط على توفير المهارات الفنية والمعرفية، بل يلعب دوراً أساسياً في بناء ثقافة العمل الجماعي والتعاون بين الموظفين. من خلال برامج التكوين التي تركز على المهارات الشخصية والتفاعلية، يمكن تحسين التعاون والتواصل بين أفراد المؤسسة.
استراتيجيات لتعزيز العمل الجماعي من خلال التكوين
1. ورش العمل التفاعلية :
- تنظيم ورش عمل تفاعلية تركز على بناء فرق العمل وتعزيز التواصل بين الأفراد.
- استخدام الألعاب والتمارين الجماعية لتعزيز الثقة والتعاون.
2. التكوين على القيادة والتعاون :
- تقديم برامج تكوينية مخصصة لتطوير مهارات القيادة والعمل الجماعي.
- تشجيع القادة على تبني أساليب إدارة تشجع على التعاون وتبادل الأفكار.
3. التقييم المستمر والتغذية الراجعة :
- إجراء تقييم دوري لأداء الفرق وتقديم تغذية راجعة بناءة لتحسين العمل الجماعي.
- استخدام أدوات التقييم لتحديد نقاط القوة والضعف في الفريق والعمل على تحسينها.
4. التشجيع على الابتكار والمشاركة :
- خلق بيئة تشجع على الابتكار وتبادل الأفكار بين الموظفين.
- تنظيم اجتماعات دورية لتبادل الأفكار ومناقشة التحديات والحلول.
5. استخدام التكنولوجيا لتعزيز التعاون :
- توفير الأدوات التكنولوجية التي تسهل التواصل والتعاون بين الموظفين.
- استخدام منصات إدارة المشاريع لتعزيز الشفافية وتنسيق العمل بين الفرق.
6. تقاسم العمل بين أفراد المؤسسة :
- ضمان أن تكون إنجازات العمل تتطلب مشاركة أكبر عدد ممكن من الموظفين لتعزيز العمل الجماعي.
- توزيع المهام بطريقة تضمن دقة النتائج وتفادي الأخطاء، مع تعزيز المسؤولية المشتركة.
أمثلة من منطقة المغرب العربي لتعزيز التكوين والعمل الجماعي
- المغرب
مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (OFPPT):
- برامج التكوين المشتركة: OFPPT يعتمد على برامج تكوين، تتضمن مشاركة مكثفة بين المتدربين من مختلف التخصصات، هذه البرامج تشجع المتكونين على التعاون في مشاريع جماعية، مما يعزز من مهاراتهم في العمل الجماعي.
- الشراكات مع القطاع الخاص: المكتب يتعاون مع الشركات الصناعية والتجارية لتوفير فرص تكوين عملي للمكونين داخل بيئة العمل الحقيقية، هذا النهج يساعد في تحسين مهارات العمل الجماعي حيث يتعلم المتكونون كيفية التفاعل مع فرق العمل المتعددة التخصصات في الشركات.
- التكوين على القيادة والعمل الجماعي: برامج مخصصة لتكوين المتدربين على مهارات القيادة والتعاون، مما يضمن تطوير قدراتهم على إدارة الفرق والمشاركة الفعالة في المشاريع الجماعية.
- تونس
الوكالة التونسية للتكوين المهني (ATFP):
- ورش العمل المشتركة: ATFP تنظم ورش عمل تجمع بين المتدربين من مختلف القطاعات والمجالات، هذه الورش تهدف إلى تبادل الخبرات والمعارف، وتعزيز التعاون بين المتدربين من خلفيات مختلفة.
- التكوين الميداني في بيئات متنوعة: المتدربون في ATFP يشاركون في برامج تكوينية تشمل تطبيقات عملية في شركات ومؤسسات مختلفة، مما يعزز من فهمهم لأهمية العمل الجماعي والتعاون بين الفرق.
- برامج تطوير المهارات الشخصية: الوكالة تقدم برامج تكوينية تركز على تطوير المهارات الشخصية مثل التواصل وحل المشكلات والعمل الجماعي، مما يساهم في تعزيز قدرات المتدربين على التعاون داخل فرق العمل.
- الجزائر
المعهد الوطني للتكوين المهني:
- التعليم المزدوج: النظام المزدوج الذي يجمع بين التعليم النظري والتكوين العملي في الشركات، يعزز من جاهزية المتدربين للعمل الجماعي، هذا النظام يتيح للمتدربين فرصة التعلم من تجارب عملية حقيقية والتفاعل مع فرق العمل المتعددة.
- المشاريع الجماعية: المؤسسات التكوينية في الجزائر تعتمد على تنفيذ مشاريع جماعية كجزء من المناهج الدراسية، هذه المشاريع تتطلب تعاون المتدربين لتحقيق أهداف مشتركة، مما يعزز من مهاراتهم في العمل الجماعي.
- الشراكات الدولية: المعاهد الجزائرية تتعاون مع مؤسسات دولية لتبادل الخبرات وتنفيذ برامج تكوينية مشتركة، مما يساهم في تعزيز العمل الجماعي والتعاون عبر الثقافات المختلفة.
توصيات لتطبيق هذه النماذج في موريتانيا
1. إنشاء شراكات مع القطاع الخاص:
- تعزيز التعاون مع الشركات المحلية والدولية لتوفير فرص تكوين عملي للمتدربين، مما يساعد في تطوير مهاراتهم في العمل الجماعي والتعاون.
2. تنظيم ورش عمل مشتركة:
- تنظيم ورش عمل تجمع بين المتدربين من مختلف التخصصات والمجالات لتعزيز التفاعل وتبادل الخبرات.
3. تطوير برامج تكوين ية متكاملة:
- تصميم برامج تكوين ية تجمع بين التعليم النظري والتطبيق العملي في بيئات العمل الحقيقية، مما يساهم في تحسين مهارات المتدربين في التعاون والعمل الجماعي.
4. تشجيع المشاريع الجماعية:
- تضمين مشاريع جماعية ضمن المناهج الدراسية لتشجيع المتدربين على التعاون والعمل كفريق واحد لتحقيق أهداف مشتركة.
5. الاستفادة من التكنولوجيا:
- استخدام أدوات تكنولوجية ومنصات إدارة المشاريع لتعزيز التعاون والتواصل بين المتدربين والموظفين داخل المؤسسات.
6. التعاون مع دول المغرب العربي:
- إرسال بعثات تكوينية إلى دول المغرب العربي للاستفادة من تجاربهم الناجحة في مجال التكوين المهني والتقني.
- تنظيم برامج تبادل تكوينية مع مؤسسات تكوينية في المغرب، تونس، والجزائر لنقل المعرفة والخبرات.
توصيات لتطوير العمل الجماعي
1. تبني ثقافة التكوين المستمر:
- تعزيز أهمية التكوين المستمر وتطوير مهارات الموظفين بشكل دوري.
2. تشجيع المبادرات الجماعية:
- دعم المبادرات التي تتطلب التعاون بين الموظفين وتوفير الحوافز للفرق المتميزة.
3. تقديم الدعم اللازم للفرق:
- توفير الموارد والأدوات التي تسهل العمل الجماعي وتساهم في تحسين الأداء.
4. تعزيز التواصل الداخلي:
- إنشاء قنوات تواصل فعالة بين الموظفين لتعزيز تبادل الأفكار والخبرات.
5. تقاسم العمل بين أفراد المؤسسة:
- تصميم المهام بطريقة تفرض مشاركة أكثرية العمال لضمان الدقة وتفادي الأخطاء.
من خلال التركيز على تطوير العنصر البشري وتعزيز العمل الجماعي، يمكن للمؤسسات الموريتانية تحسين أدائها العام وتحقيق أهدافها بكفاءة أكبر، ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن للبلد الاستفادة من تجارب دول المغرب العربي في تطوير نظام التكوين التقني والمهني وتعزيز العمل الجماعي بين الموظفين والمتدربين، مما يساهم في تحقيق الكفاءة والإنتاجية العالية.
هذا رأيي والله الموفق
أحمدو سيد محمد الكصري
مكون في المعلوماتية وقابلية التشغيل
خبير وطني في التوجيه المهني
منهجي في مجال هندسة التكوين