
في لحظة فارقة من تاريخ الوطن، تتجلى صورة المؤسسة العسكرية في أبهى صورها، حيث شهدت مراسم تسليم وتسلم المهام بين القادة العسكريين الجمهوريين المتقاعدين والقادة الجدد. هذه اللحظة ليست مجرد انتقال للمهام، بل تمثل تجسيدًا لرؤية عميقة للجيش الجمهوري كحامي الأرض والشعب والدستور ومؤسسات الدولة.
تلك الخطابات التي ألقيت خلال هذه المناسبة جاءت لتؤكد عمق النضج والاحترافية التي تميز المؤسسة العسكرية. كانت كلماتها مليئة بالحكمة والالتزام، مجسدةً قيم الولاء والانتماء للجمهورية، ومعبرة عن رؤية مؤسسة تعمل بعيدًا عن السياسة، مركزة على دورها الأساسي في حماية الوطن وتأمين حدوده.
القادة المتقاعدون يمثلون نموذجًا يُحتذى به في التضحية والوفاء للوطن. فقد أدوا أدوارهم بكل تفانٍ، وواجهوا التحديات بحكمة وصبر، وتركوا بصمة لا تُمحى في مسيرة المؤسسة العسكرية. تقاعدهم لا يعني نهاية العطاء، بل هو انتقال إلى مرحلة جديدة يمكن فيها تقديم الخبرة والإرشاد للأجيال القادمة.
أما القادة الجدد، فإنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية كبيرة تتمثل في الحفاظ على كرامة وحقوق أفراد المؤسسة العسكرية، والعمل على تعزيز الكفاءة والاستعداد لمواجهة التحديات المتزايدة. رؤيتهم يجب أن تكون قائمة على تطوير المؤسسة بما يتناسب مع التحولات الإقليمية والدولية، والوعي الكامل بالمخاطر الجيوسياسية التي تحيط بالوطن.
إن الجيش الجمهوري ليس مجرد قوة عسكرية، بل هو رمز للحياد والالتزام بالمهام الدستورية. قوته لا تكمن فقط في العتاد والتدريب، بل أيضًا في قيمه ومبادئه التي تجعل منه نموذجًا يُحتذى به في الانضباط والنزاهة.
المرحلة المقبلة تتطلب من المؤسسة العسكرية التركيز على تعزيز جاهزيتها للتعامل مع التحديات الأمنية الحديثة، بما في ذلك الأزمات الحدودية والتحولات الجيوسياسية. كما أن بناء جيش قوي وفعال يعتمد على تعزيز التعاون الداخلي والعمل بروح الفريق الواحد، مع الحرص على مصلحة الوطن كأولوية قصوى.
إن الأمة بأسرها تنظر إلى المؤسسة العسكرية كركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وتقدر الدور الذي تقوم به في حماية الوطن وصيانة مكتسباته. في ظل هذه التحولات، تبقى المؤسسة العسكرية نموذجًا للالتزام والاحترافية، تعمل بصمت وتضحية لضمان استمرارية الأمن والاستقرار في الوطن.
الأستاذ محمد فاضل الهادي