
بسم الله الرحمن الرحيم
السلطة المنسية
رغم أهمية السلطة القضائية وأنّ هذه الأهمية محلّ اجماع النخب في السلطة والمعارضة وفي غيرهما وأنّ الجميع يدفع ثمن ما تعيش من أوضاع لست بحاجة إلى ذكرها لأنّها بادية للعيان فإنّ الواضح ممّا نعيش وتعيش أنّها سلطة منسية ومهملة من طرف الجميع ويتضح ذلك من خلال أمور منها:
1ـ أنّ رؤساء البلد منذ ولوجي لمهنة القضاء دأبوا في أكثر الأحيان على نسيانها وعدم تذكرها إلا يوم انعقاد المجلس الأعلى للقضاء وتركها بين يدي وزير يعمل فيها ما يشاء حتى لو تعلق الأمر بأمور تمس باستقلالها ..... وعدم العمل على التكوين الجيد لأفرادها وأعوانهم
وما يميز الأخ رئيس الجمهورية الحالي بشأن السلطة القضائية هو أنّه في أول مجلس ترأسه قال للقضاة أنّ إصلاح القضاء يتطلبه إصلاح كلّ شيء في البلد وذكر في خطابه الأخير بمناسبة عيد الاستقلال أنّ الديمقراطية تحتاج لقضاء يحميها وقال للقضاة في دورة المجلس الأخير أنّ القضاء هو السلطة الأولى انطلاقا من أهميّة الدور الذي تلعب السلطة القضائية في حياة المجتمعات
دأب الأخ السيد رئيس الجمهورية الحالي على التعبير المتكرر عن إدراكه لأهمية السلطة القضائية وتقديره للقضاء والقضاة تماما كما دأب على تأجيل تنفيذ أيّ إصلاح للقضاء والاحجام عن الوقوف دون المساس باستقلاله عبر استمرار التحويلات غير القانونية للقضاة في أيامه بل إنّ نتائج المنتديات التي نظّمت في أيامه تسلك وبخطا واثقة طريق الإهمال الذي سلكته نتائج المنتديات التي نظمت في أيام رؤساء سابقين
2ـ أنّ نخب البلد لا تعنيها السلطة القضائية ولا القضاء لعدم أهميّته بالنسبة لها ويدلّ على ذلك أنّني لم أسمع أنّ حزبا أو تجمعا سياسيا نظّم مسيرة للمطالبة باستقلال القضاء أو تعاطفا مع قاض خولف فيه القانون بالتحويل من نواكشوط لأنبيكت لحواش ... أو بئر أم أكرين أو إلى أيّ مكان آخر .... كما أنّ من النادر أن يقرأ الشخص مقالا أو حتى تدوينة تطالب باستقلال القضاء
لا يكاد يتذكر المثقف الموريتاني القضاء إلا عندما يجد هو أو صديقه أو قريبه مشاكل حينها فقط يتذكره ويبدأ هو والمتعاطفون معه يكيلون له الشتائم
في الأخير أذكر الأخ السيد رئيس الجمهورية بأنّ أهمّ انجاز يمكن أن يحقّقه للبلد ولمواطنيه الضعاف والأقوياء هو العمل على إيجاد قضاء كفء ومستقل ونزيه
كما أذكر المواطنين والنخب بأنّ (صَبْ دُونْهَ ياسَرْكما يقول أهل لخيام) وبالتالي فإنّ وجود قضاء كفء ومستقل يتطلب منّا جميعا كثيرا من الكفاح والتضحيات وأنّه لأهميته يستحق ....
جعلني الله وإياكم ممّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وحسبنا الله ونعم الوكيل
القاضي محمد ينج محمدمحمود