
في كل مؤسسة، هناك نوعان من المسؤولين : نوع يسعى إلى التطوير والتقدم، ونوع آخر يُفضِّل الجمود والبقاء في دائرة الروتين، والمشكلة ليست فقط في بقاء هؤلاء المسؤولين في مناصبهم لعقد من الزمن دون تحقيق أي تغيير إيجابي، بل في أن المؤسسات التي يديرونها تظل محكومة بنفس القواعد القديمة التي تقتل الطموح وتحبط الموظفين، فهل هؤلاء المسؤولون يفتقرون إلى مهارات التسيير، أم أنهم ببساطة لا يكترثون لمصير موظفيهم ؟
إدارة بلا روح ولا عدالة
الموظف الذي يعمل بإخلاص وكفاءة ينتظر أن يُكافأ، سواءً بترقية أو بعلاوة تواكب جهده، لكن عندما يجد نفسه محاطًا بمسؤولين لا يؤمنون بثقافة التحفيز ولا يعترفون بجهود العاملين، فإن النتيجة تكون الإحباط واللامبالاة، فكيف نتوقع من موظف أن يُبدع إذا كان يرى أن لا شيء سيتغير مهما اجتهد؟
إن المسؤول الذي لا يحرّك ملف الترقيات ولا يمنح العلاوات ولا يفتح الباب للتطوير، هو في الحقيقة مجرد "موظف كبير" يشغل منصبًا بلا رؤية، ولا يحمل أي حس قيادي أو إنساني، والأسوأ من ذلك، أن بعض هؤلاء يعتقدون أن الضغط والتجاهل أدوات فعالة لإدارة المؤسسة، في حين أن الواقع يثبت أن هذه الأساليب تدمّر روح العمل وتقود إلى تراجع الإنتاجية.
لمن عيّنوا هؤلاء، هل حان وقت التقييم؟
حين يتولى مسؤول منصبه، فإن الهدف ليس مجرد البقاء فيه، بل تحقيق إنجازات ملموسة، لذا، نطرح السؤال على الجهات التي عيّنت هؤلاء المسؤولين:
هل قمتم بتقييم أدائهم طوال هذه السنوات؟
هل سألتم عن مستوى رضا الموظفين في إداراتهم؟
هل تحققت أي تحسينات في بيئة العمل منذ تعيينهم؟
إن كان الجواب سلبيًا، فالمشكلة ليست في المسؤولين وحدهم، بل أيضًا فيمن يتركهم في مناصبهم رغم فشلهم الواضح.
رسالة إلى هؤلاء المسؤولين ومن عيّنهم
نحن لا نطالب بمناصب جديدة، ولا نسعى لمجرد تغييرات شكلية، نحن نطالب بحقوق واضحة ومستحقة :
نريد ترقيات عادلة لمن يستحقها.
نريد علاوات تعكس الجهد المبذول.
نريد إدارة تحترم موظفيها وتشجعهم، بدلًا من إحباطهم وتجميدهم.
أعطوا الناس حقوقهم، وسوف يمنحونكم أفضل ما لديهم من أداء وإبداع، أما استمرار سياسة التجاهل والجمود، فلن تؤدي إلا إلى بيئة عمل يملؤها الإحباط والتراجع، وهو ما يضر بالمؤسسات قبل أن يضر بالأفراد.
القيادة مسؤولية وليست امتيازًا، فإما أن تكونوا قادة، أو افسحوا المجال لمن يستطيع القيادة بحق!
كان الله في عون الجميع!
أحمدو سيدي محمد الكصري
باحث في الشأن العام