الحوار المرتقب خيار وطني ومسؤولية مشتركة/ذ.براهيم الب خطري

 في اللحظات المفصلية من تاريخنا، يكون الحوار هو السبيل الأنجع لتجاوز الأزمات وإعادة رسم مسارات المستقبل. إنه حجر الزاوية لبناء الدول والمجتمعات وتجاوز التحديات، إذ يعتبر الأداة الأهم لبناء الجسور التي تساهم في استقرار الوطن وازدهاره.

وفي هذا السياق يمكننا أن نقول مع jacques Rousseau ـjean أن:" الحرية لا تتحقق إلا عند ما نتحدث معا " ومع Martin Luther عند ما قال: " نحن لا نعيش على جزيرة، نحن جزء من بحر واحد " .

 وفي هذا الظرف الحساس، يقف الوطن أمام فرصة تاريخية لا ينبغي التفريط فيها، حيث يشكل الحوار المرتقب ـ الذي أعلن عنه صاحب الفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ـ نقطة التقاء بين مختلف الفرقاء السياسيين ومكونات المجتمع، ليس فقط لمعالجة الإشكالات العالقة، ولكن لإرساء أسس جديدة تضمن الاستقرار والتنمية المستدامة.

غير أن الحوار لا يقاس بمجرد انعقاده، بل بالحرص علي التعاون الجاد لإنجاحه، وبحجم الالتزام بتحويله إلى محطة تأسيسية لمشروع وطني جامع، يتجاوز كل الحساسيات الضيقة نحو بناء مستقبل أكثر توازنا وعدالة.

إن المشاركة في إنجاح الحوار المرتقب مسؤولية الجميع وليس فرصة لمراكمة المكاسب أو تسجيل النقاط السياسية، بل هو واجب وطني مشترك يتطلب من جميع المتحاورين التخلي عن منطق الغلبة والمصالح الضيقة.

فحين يتحول الحوار إلى مناورات تكتيكية، يصبح رهين التوجسات المتبادلة ويفقد جوهره كأداة لصياغة توافقات قوية. لذلك فإن الأحزاب والمكونات السياسية والاجتماعية مدعوة إلى التعاطي معه بروح الانفتاح والتفاهم، بعيدا عن منطق الاستحواذ أو الخوف من التنازلات.

ولكي يكون الحوار مثمرا، لا بد من تجاوز الخلافات الضيقة ـ التي تغذي الانقسامات ـ نحو التوجه إلى طرح القضايا الجوهرية التي تنعكس على مستقبل الوطن، وأبرزها: الوحدة الوطنية وضمان استقرار سياسي قائم على الشراكة الحقيقية لا على موازين القوي المؤقتة، وإصلاح اقتصادي شامل يحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، وتحديث مؤسسات الدولة لتكون أكثر كفاءة، وصياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على احترام التعددية وسيادة القانون.

ولنجاح هذا الحوار، هناك بعض التوصيات الأساسية التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار:

أولا: ينبغي للمشاركين في الحوار التحلي بروح التفاهم، فكل طرف يجب عليه أن يسعي إلى تفهم الآخر واستيعاب مواقفه، كما يلزمهم التركيز على القواسم المشتركة والابتعاد عن الانشغالات الثانوية والتصلبات الذهنية.

ثانيا: من الضروري أن يدرك المتحاورون أن مصلحة الوطن تعلوا على كل المصالح، فهي الأولوية التي لا يجوز التفريط فيها.

وعليهم أن يضعوا الخلافات الجزئية جانبا وينظروا إلى مصلحة الوطن التي تجمعهم لا ما يفرقهم، فالوطن باق والمصالح متغيرة ولا سبيل للتقدم إلا بتغليب الصالح العام على الخاص.

وأخيرا، يجب أن يكون الحوار عملية مستمرة ومفتوحة، يتم من خلالها تبادل الآراء والحلول بين الأطراف بشكل دوري، مما يسهم في تعزيز الثقة المتبادلة، فبناء الأوطان جهد مشترك يحتاج التعاون بين أبنائه.

إبراهيم الب خطري

أستاذ القضاء والشهادات في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية

إطار بوزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي

ثلاثاء, 08/04/2025 - 12:50

إعلانات