لأول مرة في تاريخ موريتانيا تتفق المعارضة بشكل واضح و رؤية موحدة و آلام مشتركة و قراءة تشخيصية ناضجة تفصل أهداف العصابة و تحدد نواياها الشريرة و تتفق على ضرورة مواجهتها بكل الوسائل لانتشال الوطن من أظافرها المنتشبة في كل مقاتل البلد ..
المعارضة اليوم حزب واحد و لا أعني أحزاب المعارضة و لا المنتدى و إنما أعني المعارضة بصفتها المفتوحة في الداخل و الخارج ، في الأحزاب و المنظمات، في الحركات الشبابية (كفانا و 25 فبراير و أولاد لبلاد و غيرهم) ، على مستوى الشخصيات (السياسية و الاجتماعية و الثقافية) ؛ كل الشعب الموريتاني اليوم أصبح يدرك خطورة هذا النظام العصابة على كيان البلد و استمرار الحياة على أديمه .. كل الشعب الموريتاني اليوم معارض و منتفض و مستعد لأي مغامرة لإسقاط هذه العصابة الشريرة و أذيالها من الانتهازيين و المنافقين الذين أفسدوا الحياة السياسية في البلد و شوهوا عادات المجتمع و سفهوا كبرياءه و سخروا من أخلاقه .
لقد تآكلت أجهزة دعاية العصابة و أصبحت تستبدل فرقها كل يوم : انشرخت اسطوانة ولد محم فاستبدلوه بالهابا .. انشرخت اسطوانة الهابا و يتجهون الآن إلى مواقع التزلف و كتاب الارتزاق و تذاكي “الوطنية” و ترنح “الساحل” (بعد تعيين غوبلز العصابة عليها) لتنظيم هجوم كاسح لن يأتي بجديد ليتم تحويل المهمة إلى أجهزة المخابرات الرسمية التي وصلتها الأوامر مع الهابا لإعداد ملفات لمجموعة من المزعجين في الداخل و الخارج: من يسمع لائحة الاتهامات التي أصدرتها الهابا لإدانة برنامج “صحراء توك” يفهم بسهولة أن الكلبة وصلتها الأوامر بإعداد ملف إدانة لتوقيف البرنامج فبدأت تتخبط لتنفيذ أوامر لا تهم وجاهتها إذا لم تتح ؛ المهم أن تتم بأي طريقة تنفيذا لأوامر العصابة كما حصل بالضبط…
أستطيع أن أؤكد للجميع أن وحدة المعارضة اليوم، لا يستطيع النظام اختراقها و لا تستطيع الشخصيات و الأحزاب المتذاكية إفسادها و لا التلاعب بها، حتى لو هللت لها المخابرات و زودتها بكل ما تحتاجه للعب أي دوري قذر و أصدرت الأوامر للإعلام المرتشي للنفخ فيها بكل أبواقه…
لقد دفع النظام في الأسابيع الماضية بفريق انتحاري جديد على الساحة، محاولا التغطية على فشل الحوار و تخبط النظام، فخلق كتلة معارضة جديدة، ما زالت مفردات قاموسها تشي بحقيقة انتمائها و فتح تشاورا مع أخرى لا تستطيع نصائحها صد ولد عبد العزيز عن المساس بالدستور و لا إقناع المعارَضة المعارِضة بقبول المساس به و اكتسحت الساحة بالمقابلات التلفزيونية و الإذاعية و المقالات المذيلة لها، كان أهمها مقابلة وزير المالية ولد أجاي الذي حاول هذه المرة التلاعب بعقول الناس من خلال فنيات بدائية المنطق؛ حين يقول ولد أجاي إن ما صنعته العصابة في السنوات الستة الأخيرة ـ في المجال الصحي ـ لو قسمنا عليه عمر الدولة و ضربناه في ضارب المعدل لفهمنا أن ما تم إنجازه كان عملا إعجازيا، فهذا يعني إما أنه يجهل أن ما صنعته البشرية خلال الخمسين سنة الماضية أكبر مما أنجزته خلال خمسة آلاف سنة الماضية و إما أنه يتلاعب بعقول الناس بطريقة استهزائية، لا يهمه منها غير إرضاء ولد عبد العزيز الذي لا شك أن هذه العبارة الغبية قد أسرته كثيرا؛ أنتم تدفعون هذا المسكين إلى حتفه بنفاقكم و تبريركم لأخطائه و فساده و شذوذ طريقة حكمه :
إن من يتفاخر بما تم إنجازه على مستوى التعليم و الصحة، لا يمكن أن يخجله شيء ؛ لقد كان أجدادنا يجبرون الكسور في عمليات ناجحة و يحددون تاريخ نهاية الجبيرة حسب العمر و المعاش و الموسم الزمني . و ما يعرفه جميع الموريتانيين اليوم أن أي كسر بسيط في نواذيبو أو النعمة أو لكوارب لا بد من حمل صاحبه إلى نواكشوط و من النادر أن لا تنتهي كسور المحظوظين الذين يصلون إلى نواكشوط على نفقاتهم الخاصة بتشويهات خلقية دائمة . و حين يسأل المواطن (لأن صحافة الارتزاق لن تفعلها) عن المسؤولين عن التسيير المالي في وزارة الصحة و المستفيدين من العقود معها ليجدهم جميعا من أقارب ولد عبد العزيز، سيفهم بنفسه و بكل وضوح لماذا توجه كل ميزانيتها لبناء مستوصفات بدل تحسين خدمات ما لديها من بنى تحتية سابقة و الرفع من مستوى أدائها الذي كان ينبغي أن يكون أولوية أي نظام تهمه المصلحة العامة للبلد. لقد أصبح تحايل العصابة على عقول الناس مكشوفا على كل المستويات و لم تعد هذه الطرق يا ولد أجاي تخفى على أي أحد..
و يحاول ولد أجاي بثقة نفس مصطنعة تأكيد ما سبق أن قاله في عدة مرات لتبرير بيع الدولة لمدارس لم تعد مؤهلة لمهمتها كما يقول ؛ فلماذا لا يتم تأهيلها يا ولد أجاي كما تفعل كل بلدان العالم ؟ و هل مدرسة الشرطة غير مؤهلة هي الأخرى؟ و هل تحويل جزء منها إلى محلات تجارية لأقارب ولد عبد العزيز هو الحل الأمثل لتأهيلها ؟ . لقد بذلت ما تستطيع للدفاع عن تحايل ولد عبد العزيز يا ولد اجاي و هذه هي مهمتك التي تم اختيارك على أساسها، لكن لا تتكلم عن مصالح موريتانيا إذا كنت لا تريد أن تتحول إلى مهرج حقيقي . لماذا تحاشيت لغة الأرقام ـ فقط ـ حين تحدثت عن الموردين ؟ لماذا نسيت التفاصيل ـ فقط ـ حين تحدثت عن بيع المدارس و ابلوكات و استاد ؟ رئيسك (الرئيس الأعلى للقضاء) يصف قادة المعارضة بالمجرمين في خطب حملته أمام الجمهور و تتكلمون عن القانون و الأخلاق .. يصف قادة المعارضة بالعجائز الفاشلين علنا و تتمنون من المعارضة الرفع من مستوى الخطاب السياسي.. يصف الدستور بـ”أوراق نحن من كتبها و يمكننا رميها و كتابة غيرها” في نواذيبو و تتحدثون عن احترام الدولة و رموزها .. يتساءل رئيسكم المحترم بين الملأ (خلال زيارته للميناء) “وينهو ذا لمخيزي” (يعني مدير ديوانه) و تتحدثون عن مثل و قيم لا ندري من أين تأتون بمنطقها ؟؟؟؟ رئيس دولة يقول لمواطن “يحرك بيك ألا أنت يا الموضوع” (في زيارته الأخيرة لروسو) و تتحدثون عن احترام شخص الرئيس و أسرته.. أريد ولد أجاي أن ينكر حدوث أي من هذه الحالات .. أريده أن يذكرني بكلمة واحدة صادرة من أحد قادة المعارضة بمستوى هذه العنترية و الوقاحة؟؟ .. المعارضة يا ولد أجاي لم تتهم ولد عبد العزيز برعاية المخدرات بل اتهمه النائب الفرنسي نوييل مامير ، فهل تعتبر طلب المعارضة له بنفي هذه التهمة أو تقديم استقالته وقاحة؟ .. المعارضة يا ولد أجاي لم تطلق النار على ولد عبد العزيز ، فهل اقتنعت أنت بسيناريو أطويله المضحك المبكي؟ .. فضائح أبناء ولد عبد العزيز و عصابات طرابلسية زوجته يا ولد أجاي ليست من صناعة خيال المعارضة ، فمن أي منهل أخلاقي تخرجت لتصف ما تقوله المعارضة بالوقاحة؟ فهل نعتك أنت بالتزلف و الانتهازية سوء أخلاق و علامات انحطاط خطاب أو أوصاف دقيقة لحالة معاشة يتبجح صاحبها بما تعنيه بالضبط ؟ .. هل وصفك بالإداري الوفي لوطنه ، المؤتمن على مصلحة شعبه ، المنزه عن مجاملة الحاكم و التزلف لهم هو ما يرضيك؟ ما أسهلها يا ولد أجاي لو فعلتها و ما أصعبها حين قررت العكس.
ـ أريد ولد أجاي ـ حين تكلم عن حرية الإعلام في البلد ـ إذا كان يريدنا أن نصفه بالصادق و المقنع و الشجاع، أن يخرج لنا لائحة الصحف و المواقع التي تحظى بعطاءات إدارته و المبالغ التي يوزع عليها بالتفاضل لنبين لكم بما لن يتحدث أي مواطن بعده عن حرية الإعلام، كيف تقوم هذه العصابة بقتل الإعلام الجاد و اللعب على عقول الناس و العالم بصناعة إعلام تحت الطلب لا يساهم إلا في تشويه الحقائق و محاربة ظهور أي إعلام جاد و مسؤول؛ هل هذا الطلب صعب يا ولد أجاي؟ حين تشترطون استفادة أي شخص في هذا البلد بولائه لولد عبد العزيز، على من تضحكون حين تسمونها دولة؟ أنتم عصابة مجرمة، عاثت فسادا في هذا البلد الطيب و ستلقون حسابكم واحدا واحدا.. ستقف في يوم قريب يا ولد أجاي أمام تفاصيل أفعالك الإجرامية و مبرراتك الماكرة لتفهم أن حقوق هذا الشعب لن تذهب سدى لأن وراءها من يطالبون بها من الشرفاء الأوفياء لهذا الوطن الكريم..
لماذا تتهرب من الرد على السؤال الأهم في تلك المقابلة السهلة التي أعدت في الأصل لتجميل صورة العصابة ، حين سئلت عن تفسيرك للتناقض بين ما تقوله عن حالة اقتصاد البلد المزدهرة ـ كما تدعي ـ و شكوى الجميع من انقراض الأوقية في أيادي الناس؟؟ إن ضيق نفق دورة الأموال حالة معروفة لدى الاقتصاديين إن كنت منهم ، و معروفة أسبابها، فهل كنت تجهلها أو تتجاهلها في ردك المتهرب من أي حقيقة؟
ستعرفون في المرحلة القادمة التي دخلناها منذ أسابيع ـ بموت الحوار ـ أن بقاءكم أصبح مسألة وقت .. أنكم أنتم من يسبحون عكس التيار .. أن الزمن تغير لغير صالحكم .. أن العبث بخيرات بلد و الاستهزاء بأهله عمل لم يعد تجاوزه ممكنا ، “فخذوا حصتكم من دمنا و انصرفوا / و ادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا / و علينا نحن أن نحرس ورد الشهداء / و علينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء”
ستكون معارك المرحلة القادمة حاسمة و ساخنة ، فراهنوا على خمول شعبنا .. إننا نراهن على جبن الخونة و خذلان المنافقين و تولي العملاء …
لقد تم إفشال كل مخططات ولد عبد العزيز و تم كشف كل نواياه الشريرة في المرحلة الماضية و أصبح تفكيره اليوم ينحصر في خلق مواجهة دامية مع “تواصل”، ستدخل البلاد في منعرج خطير، كنت أنتظر خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لاستيفاء براهينها. و سأعلن عن كل تفاصيلها في المقال القادم بإذن شاء الله