في عددها القادم تنشر صحيفة الديار المصرية مقالا طلائعيا رياديا للمفكر الإسلامي العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي هذا نصه
"الله سبحانه لا يريد لعباده القتل بسبب العقيدة والعبادة فهو سبحانه القاضي وحده على الناس، التشريع الإلهي ليس موجها لقوم عن قوم او لأصحاب ديانة دون أخرى إنما هو عام للناس جميعا
الله تعالى منح الحرية المطلقة للناس في اختيار العقيدة التي يتعبدون بها دون إكراه أو فرض
المقاتلون دفاعا عن أوطانهم وأعراضهم وأموالهم اختصهم الله بتكريمهم ويحتسبهم عنده شهداء
شمل الخطاب الإلهي تشريعات عدة، فيما يتعلق بالقتال في سبيل الله فقد وضع الله تشريعا وقاعدة تحدد متى يكون القتل لقوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)البقرة 190
وهو الحق المشروع لكل الناس الدفاع عن النفس والممتلكات وعن الأسرة وعن التعدي علي حقوق الناس بكل السبل والوسائل التي ترد الاعتداء أو تعيد الحقوق لأصحابها وهذا التشريع ليس موجها لقوم غير قوم أو لأصحاب ديانة دون أخرى إنما هو تشريع إلهي عام للناس جميعا، هذه الآية الكريمة حددت بكل وضوح مقاتلة المعتدين والذين جاءوا للقتالأو الاعتداء على الناس المسالمين، ولذا فإن كل الآيات التي جاءت في القرآن الكريم والتي تحث على القتال منضبطة وفق التشريع الإلهي الذي تضمنته الآية المذكورة أعلاه. وما عدا ذلك من آيات متعددة ذكر فيها القتال وكيفية القتال في مواجهة المعتدين إنما هي تعليمات إلهية تنظم طرق القتال وكلها تندرج تحت حكم القاعدة الأساسية في الآية المذكورة أعلاه.
وفي حالات مضادة تكون مقاتلة المعتدين كما يلي:
أولا: في حالة نقض عهود السلام بين الطرفين واستعداد أحدهما للهجوم المباغت على الطرف المزمع الاعتداء عليه.
ثانيا : في حالة الاعتداء المباشر على الآمنين في القرى والمدن ومواجهة العدوان بكل القدرات المتاحة .
ثالثا : في حالة التجهيز والاعداد لتدريب الجيوش وتسليحها لصد الهجمات من قبل الأعداء الذين جاءوا لقتال المسلمين.
رابعا : الاعتداء والغارات المستمرة على المسلمين واستباحة أراضيهم ونهب ثوراتهم وسبي نسائهم واستباحة حرماتهم
كل تلك الحرمات المذكورة تتفق تماما مع الآية المذكورة أعلاه.
وبالرغم من ذلك وضع الله سبحانه وتعالى قاعدة أخرى رحمة لكل الناس ولحقن الدماء في تقليل الخسائر وتضميد الجراح بقوله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم), الأنفال الآية61، وذلك مما يؤكد مراد الله تعالى في الآيات المذكورة أعلاه بشأن الدفاع عن النفس وعدم الاعتداء على الغير وتؤسس لتلك القاعدة الآيات التالية :
1 ـ قوله تعالى :(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كانمنصورا)الاسراء 22
2 ـ قوله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)النساء 29. وقوله تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثير منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون)المائدة33
إذا كان السابقون وفق قدراتهم المعرفية فاتهم التدقيق والتمحيص في مراد الله فلم يفرقوا في تشريع الله ومراده لأنه سبحانه وضع قواعد تشريعية تحكم تصرفات المسلمين على أسس من العدالة والرحمة وتقليل الخسائر في الأرواح وعندما عجزوا في استجلاء تلك المقاصد واعتبروا آيات القتال دعوة للقتال وأنها نسخت القاعدة الرئيسة التي وضعت في حق الدفاع عن النفس والتي جاءت في قوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)البقرة 190
وهي الآية التي تعتبر المر جع الوحيد لكل حالات القتال وما ورد في القرآن من آيات القتال فهي بين تشريع الدفاع عن النفس وبين طرق القتال وكيفية مواجهة الأعداء وما يتطلبه من الإعداد الجيد من تدريب وتسليح لردع العدوان والدفاع عن الوطن والنفس والاعراض وعدم الاعتداء كما جاء في التشريع الإلهي وفي الآية المذكورة أعلاه وأصبحت قاعدة لحكم عام يتبعه المسلمون علما بأن الآية المذكورة تضمنت أمر الله بعدم الاعتداء على الناس على الأطلاق.
فلقد قررت الآية المذكورة شروط القتال ومبرراته وقد جاءت بعدها في سور عدة آيات متعددة تتحدث عن القتال تشرح فيها طرق القتال أثناء المعارك الدفاعية وأيضا يتعلم منها المسلمون إدارة القتال وأساليبه أثناء المعارك وليست أوامر للمسلمين لقتل من لا يؤمن بدينهم على الإطلاق.
وقد نهى الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب رسوله عليه الصلاة والسلام بقوله:(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ). يونس 99.
وتأكيدا لذلك فالله سبحانه وتعالى يقول: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يسغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)الكهف 39
وكلا الآيتين تقرران أن الله سبحانه منح الحرية المطلقة للناس حقا في اختيار العقيدة التي يتعبدون بها بدون إكراه أو فرض إضافة على ذلك فالله يأمرنا إذا حدث الانتصار على العدوان يأمرنا بالاستجابة لطلبهم السلام بقوله سبحانه : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)الأنفال فيجب على المنتصر قبول السلام رحمة بالناس لتقليل الخسائر وحقنا للدماء كما أنه سبحانه وضع تشريعا للأسرى وكيفية التعامل معهم فإما منا وإما فداء كما جاء في قوله سبحانه:(فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أذخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها)سورة محمد4، فأعطى من لديه أسرى حرية الاختيار بين أن يطلق سراح الأسير مكرما وإما أن يتم أخذ الفدية من قومه في سبيل إطلاقه وإعطائه حريته دون أن يمسه الأذى أو التعذيب.
تلك القواعد الإنسانية رحمة بالناس أمر الله الناس باتباعها ولكنهم للأسف اتخذوا الروايات التي تنفث سموم خطاب الكراهية والقسوة وقد وصفهم الله سبحانه بقوله:(في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)البقرة10
فالله سبحانه لا يريد لعباده القتل بسبب العقيدة والعبادة فهو سبحانه القاضي وحده على الناس في أمور العقائد وأعطاهم الحق للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم وأراضيهم وأموالهم فقط فلا حروب دينية ولا عدوان إلا على الظالمين كما قال تعالى:(لست عليهم بمسيطر)الغاشية33 وقوله تعالى(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها)الإسراء15 ليظل حق الإنسان مقدما في اختيار عقيدته وطريق عبادته فلا وصي عليه من البشر.
إن عدم الاعتداء يتضمن الامتناع عن كل الوسائل العدوانية التي من شأنها استفزاز الطرف الآخر أو الإضرار بمصالحه أو التهجم عليه أو نشر الشائعات لآثاره الفتنة داخل المجتمع الواحد لتهديد الأمن والاستقرار.
فكل تلك الحالات تؤسس مناخا للاقتتال وما تحدثه الحروب من أضرار وكوارث وما تسيل فيها من دماء الأبرياء والأطفال والكهول وما يتم حرقه من بشر وما شية وشجر ذلك يتعارض مع ما يريده الله لخلقه من حياة آمنة مستقرة يتبادل فيها الناس المنافع ويعيشون حياة كريمة في رخاء وسلام.
وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله دفاعا عن أوطانهم وأعراضهم وأموالهم هم وحدهم الذين اختصهم الله بتكريمهم ويحتسبهم عنده شهداء تأكيدا لقوله تعالى: (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهمألا خوف عليهم ولاهم يحزنون) آل عمران 169.170
كل آيات القتال التي ذكرت في القرآن الكريم لم تكن تعني الأمر بقتل الناس ظلما وعدوانا ولكنها تعتبر تعليمات قتالية دفاعية في مواجهة الأعداء في حالة الاعتداء على المسالمين وأسلوبا في طريقة التعاون وقت القتال فإنه سبحانه وضع قاعدة القتال في سبيل الله بقوله تعالى : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة 190
ومن يريد أن يقاتل في سبيل الله ويطبق ما عاهد الله عليه بالتقيد بنهج الله سبحانه فعليه الالتزام بأمر الله في القتال في سبيله كما ذكرتها الآية أعلاه وتأكيدا لتلك التعليمات قال تعالى :( لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهيكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ان تولهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) الممتحنة الآية 9.
لقد وضع الله للناس قاعدة للعدل وحدد لهم دواعي القتال أساسها الدفاع عن الأوطان وحماية الحقوق وردع الظالمين ومن يتوانى عن الدفاع عن دياره وحقوقه ويستسلم للمعتدين خوفا أو ممالأة والتعاون معهم بعدما اعتدوا عليه ظلما وعدوانا ولم يقاومهم ويرد عدوانهم فيصبح هو من الظالمين لأنه عصى أمر الله وما جاء في الآية المذكورة أعلاه.
لذلك فإنه سبحانه رحيم بعباده يريد لهم الخير والسلامة وتقليل الخسائر بين الطرفين حينما وضع قاعدة السلام في الآية السابقة كما أن الله سبحانه وضع قواعد للأسرى وكفية التعامل معهم على أرقى القيم الإنسانية.
وكيفية معاملة الأسرى بأن يتم إطلاق سراحهم بالفدية أو بدون مقابل عند انتهاء الحرب وهذه القاعدة تفوق وتسبق معاهدة جنيف الدولية.
وبين لنا الخطاب الإلهي في القرآن الكريم قاعدة أخرى تعزز قيم الإسلام واحترام حقوق الإنسان والتعامل معه برفق في حال طلب المساعدة لقوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)التوبة6.
إن المجرمين الذين يعتدون على الناس ويستبيحون أرضهم وينهبون ثرواتهم ويقتلون الأبرياء باسم الإسلام والإسلام بريء منهم سيكون جزاؤهم جهنم وبئس المصير عملا بقوله تعالى: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا) الكهف 104.106.
إن وعد الله حق فذلك ما ينتظر الفرق الإجرامية حين ارتكبت جريمتين شائعتين احداهما الافتراء على الله ورسوله بآيات كاذبة لتشويه الإسلام وتوظيفه في خدمة مآربهم الإجرامية وعقابهم عند الله عظيم، والجريمة الثانية قتل النفس البريئة التي حرم الله واستباحتهم لأموال الناس وأكل أموالهم بالباطل لقد حذرهم الله بقوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) المائدة 33.
الجهاد في سبيل الله
جاءت كلمة الجهاد كما و ردت في القرآن الكريم حاملة معناها و تفسيرها فالجهاد هو بذل الجهد والطاقة وتحمل المشقة في سبيل تحقيق أوامر الله سبحانه وتعالى في مجاهدة النفس وتطويعها لتطبيق مبادئ المنهج الإلهي الذي يرقي بشخصية الانسان في عباداته وأخلاقياته والالتزام في ما حرمه الله والتخلي والتغلب على هوى النفس الأمارة بالسوء والتي يستدرجها الشيطان إلى طرق الغواية هذا الجهاد يبدأ من اليوم الأول لوعي الإنسان بضرورة الحياة الكريمة وما تتطلبه من أشكال محددة في بذل الجهد المخلص في التمسك بتكاليف العبادات وتأدية المشاعر الدينية وترجمتها إلى سلوك يومي باتباع المنهج الإلهي في سلوك الإسلام الذي أمرنا الله باتباع القيم النبيلة وممارستها مع الناس جميعا أولها الرحمة، والعدل والإحسان وعدم الاعتداء على حقوق الناس ونشر السلام ليتحقق الأمن والاستقرار .
الجهاد في زمن السلم
1 ـ قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمعتدين) النمل 135 ، والآية المذكرة تبين الجهاد بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة للتعريف برسالة الإسلام التي تدعو للأمن والسلام والتعاون والعدل والرحمة بين الناس يتعلق بها الاطمئنان للنفس وتحيطها السكينة لتمنح الانسان شعورا بالإيمان بقوة الله وقدرته وتقوي من عزيمته لدفعهللعمل الصالح وما يعلق به من تأمين رزقه ورعاية أسرته وأمن في حياته الدنيا ليعيش الحياة هادئا وسعيدا مطمئنا برحمة الله وبما يسر له من خير ويكشف عنه من عسر يعده الله بقوله سبحانه وتعالى : (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم) يونس 107.
2 ـ وقال تعالى (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) المؤمنون 96
وهنا الجهاد بالدفع بالقول الحسن حيث يتطلب هذا الأمر مغالبة النفس وكفح جماحها والسيطرة عليها في رد الفعل وهذا أشد أنواع الجهاد لكي يتجنب مضاعفات الموقف وما سيترتب عليه من إشكاليات يعلمها الله
3 ـ وقال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت 34
وهذه الآية تستدعي مجاهدة النفس بقوة الإيمان وتطويعها لتستبدل السيئة بالحسنة ويتحول لديها رد الفعل الغاضب إلى رد حليم يحمي الإنسان مما يترتب على عدم السيطرة على النفس من مضاعفات لا يحمد عقباها، وتكون له القدرة باستيعاب الطاقة السلبية لتتحول بإيمان بالله إلى طاقة إيجابية تحميه من التشاجر الذي قد يؤدي إلى مشاكل جمة وإلى صراع بينه وبين غريمه .
الجهاد في زمن الشدائد
إن الجهاد هو تحمل المشاق في سبيل الدين والصبر على أعبائه ومجاهدة النفس وكبح جماحها عن السقوط في المعصية والتحكم بالنفس الأمارة بالسوء في سعي الانسان في الاعتصام بكتاب الله وتنفيذ أوامره والابتعاد واجتناب نواهيه والاقدام على التقرب إلى الله بالعمل الصالح من عبادات وإنفاق وصدقات وتقديم يد المساعدة للمحتاج والفقير وابن السبيل.
أما دعوة الجهاد في الخير العام والاستعداد لمواجهة الأعداء والدفاع عن الأرض والعرض فتتضمن ما يلي:
1 المساهمة بالمال في الإعداد والتجهيز لقوات الدفاع
2 ـ دعوة المتطوعين للالتحاق بالتدريب في مرحلة الإعداد للمواجهة واعداد القوة اللازمة لردع العدوان لقوله تعالى:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)الأنفال60
إن الجهاد ليس دعوة للاعتداء على الآخرين بل هو تنفيذ أوامر الله في مواجهة الأعداء الذين يريدون شرا ومنعم من الاستيلاء على ثروات الناس واستباحة حرماتهم وقد وضع الله في تشريعه ضوابط القتال وفق الآية الكريمة:(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة190
وهي حالة واحدة فقط في حالة الدفاع عن النفس والأرض والعرض والمال وحتى في حالة الانتصار على العدو وضع الله حكما آخر بقوله سبحانه: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) فالله سبحانه من رحمته يريد السلام لعباده وإن يعيشوا متحابين ومتعاونين حيث يقول سبحانه وتعالى: ( وتعاونواعلى البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان )المائدة 30
الجهاد على تكاليف العبادات
إن تكاليف العبادات بالبعد عن المحرمات تحتاج إلى مجاهدة الرغبات الغرائزية وما تحمله من نوازع مختلفة حيث تميل النفس كثيرا للمعصية والشر والخداع والظلم والخيانة وعدم الوفاء بالعهود واستباحة حقوق الناس وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والغيبة والنميمة ونشر الشائعات ابتغاء الفتنة كل تلك الصفات المكروهةتتحكم في غريزة النفس البشرية وجهادها يتطلب عزيمة إيمان وصبر وقبل كل ذلك تقوى الله حيث أن مواجهة النفس وكبح جماحها هو صراع بين الحق والباطل يكاد يكون أشد قوة من معارك القتال فالإنسان يحارب عدوا بداخله يساعده في التغرير به شيطان توعد الانسان أمام الله عند خلق آدم عندما قال: (فبعزتك لأغوينهم أجمعين) وأيضا قال:(فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم ومن أيمانهم ومن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)الأعراف 16.17
وقال تعالى: (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا) الإسراء51
--- آيات القتال في القرآن بين تشريع الدفاع عن النفس وبين طرق القتال منضبطة وفق تشريع إلهي
---- القتال حق مشروع للدفاع عن النفس والممتلكات والأسرة وعن التعدي على حقوق الناس بكل السبل
علي محمد الشرفاء الحمادي
عن صحيفة الديار المصرية