استقلالية القضاء الموريتاني في أفق 2019

عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}

ستكون سنة 2019 سنة الرفاه والأمن والسعادة على جميع الموريتانيين إن شاء الله، ففي هذه السنة ستختفي بحول الله كل أسباب الكراهية، وجميع الخطابات العنصرية. سيتصالح الموريتانيون ويحتكمون إلى العقول الراجحة. والى بصيرة الحكمة النافعة , والى رحمة  وعفو القلوب السليمة من أدران أمراض القلوب وعلل المصالح الضيقة ,سننعم فيها جميعا بفضل الله بسلطة تشريعية مثالية، تمثل كل الأطياف، والشرائح والأفكار النافعة والمفيدة.

 

سننعم فيها بسلطة تنفيذية تحت رئاسة رئيس مثالي ,ينتخب بطريقة شفافة, ليصبح رئيسا لكل الموريتانيين, دون تمييز على أساس أي انتماء, رئيسا قادرا على توزيع الثروات الهائلة على المواطنين بعدالة ,رئيسا قادرا على المضي قدما في تعزيز استتباب الأمن والاستقرار, وضمان وحدة شعبنا ,واسمرار مؤسساته الديمقراطية, و الحفاظ على حوزتنا الترابية قادر على دفع عجلة تنمية البلد إلى الأمام.

 

رئيسا مثاليا لقواتنا المسلحة الباسلة , مؤهلا  لمراعاة ومواكبة مسيرة الرفع من مستويات القتال والمعنويات لأفراد جيشنا الوطني البطل, والرفع من مستوى يقظة قوات أمننا الساهرة دائما  خدمة للوطن والمواطن ,رئيسا لمجلسنا الأعلى للقضاء مسلحا بالوعي التام لمدى أهمية السلطة القضائية  ,متفهما عن بصيرة وثقافة لمدى حساسية هذه المؤسسة ,وما يترتب على فصلها التام عن السلطات الأخرى  من فوائد على الديمقراطية, و الوحدة ,والأمن ,والتنمية .رئيسا مصمما لا يراعي في ذالك سوى وجه الله ومصلحة الوطني,

 

على ان يمنح للقضاء كامل الاستقلالية العضوية والوظيفية والداخلية والخارجة ,وللقضاة كلما يحتاجونه  من أجل أن يكونوا قادرين على الاضطلاع  بالمهام الموكلة إليهم,  في أحسن الظروف المادية والمعنوية ,لما سيترتب عن ذالك من مردودية ا,قتصادية ,واجتماعية ,وأمنية ,على الوطن والمواطن ,أسوة بأ عرق الدول الديمقراطية اليوم ,وامتثالا لأسمى الرسالات السماوية, التي وضعت القضاء في اسمي المراتب ,والقضاة في أحسن الظروف مراعاة لعبئ المسؤولية المنوطة بهم.

 

وفي هذا الإطار ومن اجل كل هذا وذاك  سيكون مفيدا لرئيسنا المثالي   ان يكون في صورة  المستعجل  والجوهري , فيما يخص تكريس استقلالية القضاء , حيث أعطى رئيس الجمهورية ,رئيس المجلس الأعلى للقضاء , محمد ولد عبد العزيز, خلال المجلس الأعلى للقضاء الأخير توصيات هامة في هذا الإطار ,ففضلا عن بشارة منح القطع الأرضية لدفعات القضاة الأخيرة ولأعوان القضاء وتفهم فخامته لضرورة فتح المجال أمام المتقاعدين من القضاة المشاركة في مسابقات الموثقين, مع إعطائهم الأولوية بمقتضى أن  طبيعة تكوين القاضي  هي الأكثر ملاءمة لمهنة حساسة كالتوثيق ,وموافقته على فتح  نقاش  بين ممثلي  القضاة مع السلطات المختصة حول التحسين من وضعية تقاعد القضاة ,فضلا عن كل هذا أعطى رئيس الجمهورية إشارة قوية حول أهمية مناقشة مشروع النظام الأساسي الجديد للقضاة  مع الحكومة ووضعه في صيغته النهائية.

 

وهو  النظام  الأساسي الذي اعد القضاة ,وضمنوه مجموعة من التعديلات والمواد الجديدة ,التي ستمكن من تحسين ظروف القضاة ,و منحهم الاستقلالية المطلوبة أخلاقيا  وفق قيمنا الإسلامية, وديمقراطيا وفق  منطق العالم الحر والديمقراطي , هذه الاستقلالية التي لايمكن ضمانها حسب الخلاصات التي توصل إليها القضاة خلال الو رشات المنظمة من طرف نادي القضاة بدعم من مشروع دولة القانون التابع للإتحاد الأربي, الا بتحيين النصوص  المواكبة لمسار القاضي منذالإكتتاب والتكوين ,مرورا بظروف التحويل ,والترقية, والإعارة ,ومسطرة التأديب, وصولا إلى ظروف التقاعد ..

 

وعطفا على ما سبق نذكر بمايلي:

   اولا :ضرورة فتح معهد خاص بتكوين القضاة  ,يعمل هذا المعهد وفق منهجية تربوية ومهنية ,على تكوين قضاة متخصصين , ويوزع التلاميذ القضاة فيه حسب تخصصاتهم , الى شعبتين :شعبة للقضاء الجنائي ,وشعبة للقضاء المدني.

 

خلال السنة الأولى, التي يجب ان تسمى السنة التمهيدية ,يركز فيها على النظريات العامة كل حسب شعبته وتخصصة ومداخل القوانين واللغات والمعلوماتية .

 

وفي السنتين الأخيرتين تتوزع الشعب إلى أقسام بالنسبة للقضاء المدني يكون هناك تخصص في القضاء التجاري و الاجتماعي على ان يكون هناك قسم لقضاء الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية , اما شعبة القضاء الجنائي فتتوزع   الى قسم للنيابة وقسم القضاء وقضاء التحقيق ويتكون المستفيد من الاكتتاب الداخلي في قسم النيابة تلقائيا وحتما لمدة محددة   ويتم توزيع القضاة بعد تخرجهم  حسب التخصصات .

 

ثانيا :بناء حي  سكني للقضاة , يكون لائقا ,سيساعد لاشك في تعزيز ظروف الحياة الكريمة للقاضي الذي يفترض فيه وقت حكمه في دماء الناس وأموالهم وأعراضهم أن لا يكون غضبانا ,ولا جائعا ,ولا تعبانا, ولا عطشانا ...مع مجانية الماء والكهرباء في هذا السكن.

 

ثالثا: توفير قروض حسنة للقضاة ,عن طريق مؤسسة مالية تابعة للدولة ,  تحمي القاضي من ضغوط  ديون الخواص  الأفراد ,اوالوقوع في معاملات ربوية او شبه ربوية, لرفع هذا الحرج الكبير المعيق لما يتطلب القضاء من استقلالية وحياد ونزاهة.

 

ثم  رفع علاوة القضاء لتصل إلى مليون أوقية قديمة فالقاضي اليوم لا يقاضي إلا نصف الراتب الممنوح له بسبب اقتطاعت البنوك المجحفة...

 

 رابعا منح سيارات تحمل لوحة معفية من الضرائب والجمركة للقضاة ,خاصة القضاة الذين يعملون في مقاطعات نائية ,ووكلاء الجمهورية ,والمدعون العامون  ,ورؤساء المحاكم المتخصصة  ,وسيزيذ ذالك من مردوية القضاءخاصة ان مداخيل القضاة للخزينة من الغرمات تبلغ المليارات سنويا ,؟ فكيف لايستفيد المرفق من ذالك ؟ان هبة هذا  المرفق  واحترامه وقوته أمام العامة سيكون أول مستفيد منها الدولة والعدالة في البلد.

 

منح جميع القضاة في التحقيق والنيابة ورؤساء المحاكم حماية أمنية خاصة ,من خلال جعل المواطن يرى بشكل دائم تواجد القوة العمومية أمام المحاكم والحراسا ت عند الاقتضاء لمنازل القضاة الذين يتولون مناصب حساسة .

 

خامسا : زيادة سن التقاعد بالنسبة للقضاة الى سبعة وستين سنة ,أو منح القاضي سبعين في المائة من راتبه عند التقاعد, لان  سن اكتاب القاضي تختلف عن سن اكتتاب باقي موظفي الدولة  كثيرا ,كما هو واضح في النظام الأساسي للقضاة .

 

فتح مسابقة الموثقين أمام القضاة المتقاعدين ,  واقتصار الحق في الإعارة على القضاة الذين أوشكو  ا على التقاعد, للاستفادة من خبرات وعطاء الشباب وطاقاته ,ولمنح فسحة للذين خدمو ا كثيرا القطاع للاستراحة ,وتحضير التقاعد بشكل مريح.

 

سادسا: فصل النيابة العامة بشكل تام عن السلطة التنفيذية بسحب تبعيتها لوزير العدل , لان طبيعة تكوين    القاضي  تجعله غير قابل دائما وابدأ لمخالفة قناعاته ,وتلك خصلة من أهم الخصال التي يكون عليها القاضي ,وهي ضمانة من أهم ضمانات العدالة  .فسحب الحرية ومنعها وحتى منحها لا يتأتى في منطق العدالة ووفق روح دولة القانون إلا بالقانو ن ,وعن طريق قضاء مستقل لا سيادة فيه الا للقانون ,و احترام ضمانات المحاكمة العادلة التي هي آخر إبداعات أهل عصرنا في مجال إنصاف الإنسان وتكريس دولة الحق والقانون, وسلطة الاتهام سلطة قضائية لديها صلاحيات كبيرة بخصوص  التصرف في حريات الناس ,واعراضهم ,وأموالهم .وأرواحهم .و لها تأثير كبير على مسار المحاكمة ,ونتائجها ,وذالك يجعلها في أمس الحاجة إلى الاستقلالية عن السلطات الأخرى. حتى يستسلم المتخاصمون عن طيب خاطر  الى ما ستؤول إليه أحكام القضاء بثقة ,وبكل سرور, وحتى يطمئن أصحاب الحقوق ,وتزداد ثقتهم بالعدالة, ويذعنون  لمئالهم الذي  يحدد القانون المنطبق والعام والجرد والسابق على الوقائع محل الاتهام ,وليست الأوامر المتغيرة والمترددة والمبنية على المصالح وأحيانا الأمزجة ..

 

سابعا: عدم تحويل القاضي الا بطلب منه احتراما للقانون, الا في الحالات التي ينص عليها القانون مثل حالة التأديب, وتحديد معنى ضرورة العمل التي تتطلب تحويل القاضي, حتى لايكون هناك مجال للتؤيل, و أن لا يحول القاضي إلا بقرار من المجلس الأعلى للقضاء سواء كان قاضيا جالسا او واقفا .

 

ثامنا: زيادة مناديب القضاة بحيث يكون هناك مندوب عن كل خمسين قاض .

 

تاسعا : اجعل صلاحية تعيين رئيس المحكمة العليا من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء ,في تشكلته المصغرة ,التي تضم مناديب القضاة الستة،على أن يكون حصريا قاض, من أحسن القضاة سلوكا, وأعلاهم رتبة ,وأكثرهم كفاءة ,فان تعادل عدة قضاة في هذا المركز, تراعى السن ,والشهادات ,الأكاديمية ,والبحوث العلمية .والتجربة الإدارية.

 

{إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} صدق الله العظيم

 

 القاضي الخليل بومن ـ مسؤول العلاقات الخارجية بنادي القضاة الموريتانيين

الامين العام المساعد للاتحاد العربي للقضاة المكلف بالدراسات والنشر

 

القاضي الخليل بومن

جمعة, 02/08/2019 - 00:49