إنطلاقا من قوله تعالى " وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " و نظرا إلى العزلة و الفقر و الأمراض مزمنة التي يعاني منها سكان مثلث الفقر, و الظروف الصعبة التي يعيشونها, و اختفاء ملامح الانسانية و الوطنية لدى الشعب الموريتاني و غياب أهمية العمل الخيري عن الكثير, فما يظنه البعض بل الكثيرون من أبناء جلدتنا, مربحا و مدخل للآخرين يعيشون به و يشترون به الهدايا لأبنائهم, أنا لا أقول أنه لا يوجد مثل هؤلاء بل بالعكس موجودون ولولاهم ما شاهدنا هذا الكم الهائل من المنظمات الغير الحكومية و التي شوهت العمل الخيري و تأتت على الأخضر و اليابس, كما, أتت الحكومة عليه,لكن المنظمات تختلف كما يختلف البشر, فأنت تجد في الأسرة الواحدة الصالح و الفاسد كذلك المنظمات.
و لهذه الاسباب أرتأت جمعية بسمة و أمل أن تقوم بحملة وطنية واسعة النقاط, لجمع التبرعات لسكان مثلث الأمل,وذلك لتخفيف من معاناتهم, و هذه أول مرة في موريتانيا تقام حملة لجمع التبرعات للفقراء و المساكين و المحتاجين و المعوزين و اليتامى و ذوي الإعاقة الخاصة, و كان من المفترض أن يكون الرئيس الموريتاني" رئيس الفقراء " أول المتبرعين في هذه الحملة و يوجهُ دعوة للموظفين الدولة و الوزراء و رؤساء المنظمات بإقبال على التبرع كما وجهت الجمعية الدعوة لهم,لكن الرئيس غاب و غاب كل من له صلة بالوطنية.
افتتحت الجمعية الحملة بمشاييخ العلم و الدعاة,و قامت بث مباشر للحملة لكي تصل هذه الحملة إلى الجميع, وصلت الحملة و كان أول المتبرعيين هو طفل في عمر الزهور,لكن التفاءل كان متوسط و بيطء و من الجميع النواحي, مقارنة بمهزلة المنتخب الوطني الذي وصلت تبرعاتها إلى المليارات
كنت أحد المشاركين في الحملة و كنت أظن أن الحملة ستحصل على تفاءل و إقبال كبير و خاصة من الشباب و الموظفين, لكن الساعات أثبتت غير ذلك,مرت ساعات و ساعات, و الحال كما هو و صناديق تبرعات خالية لا تحتوي على شيء,كنت حنيها في مجمع تاتا التجاري كممثل للجمعية,جئت إلى المجمع الساعة 10:30 و نصف دخلت و ألقيت أنا و زميل تحية السلام على اصحاب المجمع و جلسنا,ننتظر المتبرعين, الداخل و الخارج يرانا و ما إن يدخل أحد الزبائن إلا و قمنا بإعطاه ورقة الإعلان عن الحملة و نصرف,كان الزبنا كثيرون لكن المتفاءلون قليلون جدا, و السبب هو أن معظم الوافدين على المحل هم أجانب ما بين فرنسيين و صنيين و كوريين, و أتذكر أن أحد الزبائن يلبس قميص مكتوبة عليه " ليبيا " أعطيت له الورقة و نظر فيها و قرأها و أثناء خروجه نادى علينا و اعطانا مبلغ 2000 أوقية و قال جزاكم الله خيرا, و هذا غريب أن الشعب الموريتاني يحمل في قلبه أنانية و حسد و حقد كبير لأخوته و يتكبر عن التبرع فيما ينفق ما تمتلك يمينه في ما لا يرضي الله , و أتذكر أن أحدى النساء دخلت المحل و أثناء اعطائي لها الاعلان قالت" هؤلاء متسولون كيف دخلوا إلى هذا المحل " لم ارد عليها و جعلت نفسي لم أسمع تلك الكلمات النابية,الغير الائقة التي يقولوا معظم الموريتانيين, لأنني أمثل الجمعية و أمثل نفسي و أهلي و عشيرتي, فما رد عليها صاحب المحل قائلا " هؤلاء ليسوا متسولون هذه جمعية بسمة و أمل.
لو أنكم تعرفون حال هؤلاء و ما يعانونه لتبرعتم بكل ما تمتلكون, ينامون بدون مأكل أو مشرب,يعيشون في ظلام دائم, يموتون جوعا و عطاشا و قهرا, معظمهم مصاب بالأمراض, لا يمتلكون أي شيء يدل على حياتهم ووجودهم,منقطعة أوصالهم, و أرحامهم, معظهم يتامى, أبنائهم لا يمتلكون ما يقطون به أجسامهم عن البرد, لا مياه صالحة لشرب لديهم, كذلك الصحة, و التعليم و البنية التحتية, و التنمية, صدق من قال أن هؤلاء أموات ليسوا أحياء,فالتحمد الله أخي,أنت تعيش في أحسن حال, منازل و السيارات فاخرة,و مكيفات,و مراكز صحية,و التعليم و غير ذلك, في ما يعيشن هم في أكواخ لو ريتها لقضيت العمر كله و أنت ساجد تحمد الله, أخي هل تعلم أن تبرعك لهم هو زيادة لميزان حسانتك,أنت لن تخسر شيئا, ما تشتري به لعبة سجائر,تستطيع أن تزيد به ميزان حسناتك و قارن بين هذا و ذاك.
الفارق شاسع بين تبرعات مهزلة المنتخب الوطني, و حملة مثلث الفقر,خلال ساعة وصل التبرع المنتخب الوطني إلى ملايين في ما لم يصل التبرع مثلث الفقر إلى مليون واحد على الأقل, رغم الحملة الإعلامية,لسكان يعيشون في قرى لا تتوفر على أي مستلزمات الحياة اليومية " الأرز و القمح و البن و الزيت " حتى المساجد التي يذكر فيها إسم الله,و هذا ما ستخصص له التبرعات و التي وصلت إلى : 1771345 أوقية - الأغطية 30 مستعملة - الملاحف 233 - قطع الملابس 780 -
مناشف 8 - دراريع 9 - الأحذية 77 لكن أنانية المواطن الموريتاني,و تكبره, كان كفلين في عدم التفاءل المطلوب مع الحملة.
و لأنه لا يوجد مستفيد غير الفقير أو المحتاج فلن يتبرع هؤلاء المرتزقة بأموالهم,فنحن نضع احتياجات الفقير فوق الكل فما يضعن هم مصالحهم فوق الجميع, فمتى نكون أمة واحدة , نطعم الفقير و نكسوا اليتيم و نعالج المريض , هذا العالم لم يعد يعرف ما يسمى بالإنسانية و للوطنية , هذا العالم بدا على شبه غابة القوي يأكل الضعيف, فليكن في علم الذين ينفقون مالهم في اللعب و اللهو و المغامرة أن هناك من يحتاجها, فليكن في علم من ينفقون مالهم على المؤسسات الفنية و البرامج الساقطة أن هناك من هم بحاجة أكثر لها, أين رئيس الفقراء أين الصحافة أين رجال الأعمال أين ملاك المؤسسات المعدنية و الحديدية و السمكية,أين أصحاب المتاجر الكبيرة,أين الذين يوزعون مالهم لشراء و بيع المخدرات, و إنشاء أحزاب و منظمات و هيئات لإنتشار الفتنة و الفحشاء و الدعارة, مخلفين وراءهم موريتانيين يتضورون جوعا ويموتون بردا ومرضا وقهرا,أين أحزاب الأغلبية و المعارضة,"تواصل" أين أحباب الرسول,أين من يؤمنون بالله و يوم الآخر, أين المسلمون,أين الذين ينفقون مالهم في سبيل الله, أين الذين صرخوا كثيرا أيام التبرع للمرابطون و هم معرفون, لم أشاهدهم في هذه الحملة و لم اراهم يتبرعوا,ماذا كانوا يقصدون بكلامهم؟ الحملة الوطنية مثلث الفقر أثبتت أن لا حياة لمن ننادي, و لا انسانية لدى الموريتانيين شبابا و شيوخا و نساء,فهاهي جمعية بسمة و أمل ترفع شعارات الرحمة والتعاون والإنصاف و التعاطف و لا مستجيب.
لو أن الرئيس جلس و قال إن من لم يتبرع لسكان مثلث الأمل فقد وظيفته لوصلت التبرعات إلى المليارات كما شاهدنا في مهزلة المنتخب الوطني لكن لا صلة لما نقوم به للرئيس و لا مربح له من ذلك لذلك كان التفاءل متوسط و التبرع بطيء للغاية من جميع النواحي.
و لو كانت الجمعية تنتمي لأحد الأحزاب السياسية لوصلت التبرعات إلى المليارات أيضا لكننا لا نفهم السياسة و لا ننتمي لأي حزب سياسي و لا تيار الإسلامي.
كان الله عون العبد ما دام البعد في عون أخيه لكم الله يا سكان مثلث الفقر.
شكرا لكل الذين ساهموا معنا في الحملة و شكر خاص لقناة شنقيط التي تحملت كل الضغوط و اجتهدت و عملت بما باستطاعتها لتساهم في إنتشال سكان مثلث الأمل من العزلة و الفقر و المرض.
و نشير إلى أن الحملة لا زالت متواصلة و يمكن لراغبين في التبرع إيصال تبرعاتهم إلى المراكز المعهودة لتبرع أو للجمعية للإتصال بالجمعية: 20041212ـ36365881
الكاتب: حمودي ولد حمادي