من الأسباب التي جعلتنا نتقهقر يومًا بعد يوم من سيّئ إلى أسوأ، هو الاهتمام والتركيز أثناء كل تغيير حكومي — ومنذ عام 1978 — على المحاصصة القبلية والقومية والشرائحية التي وُلدت مؤخرًا.
الفساد في موريتانيا لم يعد مجرد سلوك معزول داخل المؤسسات الإدارية فقط، بل أصبح عقلية ونمط حيات وظاهرة مجتمعية، يشجعها ويدافع عنها المثقف بقلمه والجاهل بحميته. أما النخب في الفساد ففسطاطان: فرحٌ بغنيمته منه، أو صابرٌ مثابر حتى ينال نصيبه منه يومًا ما.
لم يعد تشجيع الاستثمار فكرة سطحية مفادها:
«لدينا موارد، تعالى وخذها مقابل تشغيل البعض ونسبة ضئيلة واترك لي الآثار البيئية».
هذه هي الترجمة الشهيرة ل"شَوْرْ تَمْبَرْمَه زَيْنَة" لدينا: "لدينا معادن وصيد..."
هذا النمط من تشجيع الاستثمار بالنسبة لي صاحبه هو:
ما بين سطحي، أو كان أعور فليحكم بما شاء.
تداولت بعض المنصات مؤخرا مقطعا لأحد العسكريين المتقاعدين، يدعي فيه كذبا عدم اهتمام قائد الأركان العامة للجيوش الحالي الفريق محمد فال الرايس الرايس بشؤون المتقاعدين العسكريين، وغلق أبواب قيادة الجيش في وجوههم وعدم السعي في حل مشاكلهم.
لم يعد خافيا أن التفاهة في موريتانيا قد تحولت من مجرد ظاهرة هامشية إلى "تيار جارف" يكاد أن يجرف ويبتلع كل شيء يقع على طريقه، وذلك بعد أن بهر - أي تيار التفاهة الجارف - عقول الشباب، وخطف أبصارهم، وخلق لهم قدوات وهمية من "اللاشيء".
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات التي تصوّر القضاء باعتباره “منبع الفساد” و”أصل الخراب”، وتُحمّله وحده وزر ما تعيشه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
ولأن النقاش الأكاديمي والوطني الجاد يقتضي الرد الموضوعي، فإن من اللازم أن نضع هذه الأطروحات موضع المراجعة والتحليل المتوازن، بعيداً عن الانفعال والتعميم.